> الكثير من الناس يتساءل لماذا كل هذا الكم من الفساد الذي انتشر في البلاد، ودمر حياة الناس، وأعاق تقدم البلاد، وتسبب في الكثير من المعاناة للناس، وشوه سمعة البلاد وأهلها. لقد كان الفساد في بلادي مرض موجود، ولكنه لم يتمكن من الانتشار بهذا الشكل المخيف، الذي تعاني منه البلاد اليوم، وللعلم فإن أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الفساد وسيطرته على الأمور العامة والخاصة، هو أن الجهلة من أبناء هذا الوطن، هم من سيطر على الحكم فيه، ونشر بالتالي جهله وفساده. وهذا الأمر ليس غريبا، وإذا أردنا التأكد من صحته، علينا ملاحظة أين ينتشر الفساد؟ وفي أي الدول في العالم؟ فعلى سبيل المثال هل يوجد فساد في اليابان أوفي الصين أوفي سنغافورة، أوفي كثير من دول أوروبا وأمريكا؟

سنكتشف أن هذه الدول ليس فيها فساد، مثلما هو موجود في بلادنا وبلاد بعض العرب والمسلمين. والسبب انتشار الجهل وسيطرة الجهلة على مقاليد الأمور فيها، لذلك انتشر الفساد، لأن الفساد عنوان الجهل، وأن الفاسدين لن تجدهم في أوساط الشعوب الواعية والمتعلمة، بل سوف تجدهم وتراهم وبكثرة في الدول المتخلفة، التي ينتشر فيها الجهل بشكل عام، ولا ترى تأثيرًا للمثقفين والمتعلمين.

ولذلك إذا أردنا محاربة الفساد علينا أولا محاربة الجهل، وإقصاء الجهلة من مواقع المسؤولية والقيادة، واستبدالهم بقيادات مؤهلة ومتعلمة. إن المثقف والمتعلم لا يذهب إلى الفساد والإفساد، فهو يشعر بكثير من الخجل من الفساد والفاسدين، ويرى ويدرك قيمة العلم والعمل لتقدم حياة الناس، وتطور الدول وتقدمها.

لذا فإننا ندعو الجميع إلى العمل على إقصاء الجهلة من مواقع المسؤولية الوطنية، سياسية وعسكرية، واستبدالهم بعناصر مؤهلة تأهيلًا علميًا مناسبًا لمواقع تولي تلك المسؤوليات، لكي نتجنب استمرار وبقاء الجهل والجهلة، في نشر الفساد وتدمير الوطن، وضياع مؤسسات الدولة، وتكبيد المواطنيين مزيدًا من المعاناة، واستمرار تخلف البلاد والعباد.