كنس الدرج من أعلى الى أسفل وليس العكس

> إذا كانت الحكومة معتادة على طحن مواطنيها، فإن معالي وزير المالية سالم صالح بن بريك، هو المعني الأول في الإجابة عن تساؤلاتنا، بشأن القرار المثير للجدل، بتحويل رواتب موظفي الدولة إلى البنوك وشركات الصرافة، وإشارته إلى أن هذا القرار يأتي في إطار مصفوفة الإصلاحات المالية، التي تنتهجها وزارة المالية، فإنه وإن كان الهدف من القرار هو تصحيح الاختلالات، والكشف عن الأسماء الوهمية، والمزدوجة، والمنقطعة في كشوفات موظفي وحدات الخدمة العامة، في السلطتين المركزية والمحلية، ناهيك عن موظفي الجيش والأمن.. إلا إن استثناء بعض المرافق مثل القضاء، والنيابة، وجهاز الرقابة والمحاسبة، والأمانة العامة لمجلسي الرئاسة، والوزراء، وبعض المؤسسات والهيئات ذات الموازنات المستقلة، يجعل ذلك القرار منقوصًا ولا يحقق أهدافه، لأن عدم وضع الكل في سلة واحدة، وعدم شمولية الجميع دون استثناء، يجعل من تلك الإصلاحات المعلنة غير ذي معنى.

فمحاربة الفساد يجب أن تشمل الكل، خاصة وأن تلك الوحدات المستثناة لا تخلو من اختلالات هيكلية، ليس على مستوى الباب الأول فقط، وإنما تشمل كافة الأبواب والبنود، وتستنزف الموازنة العامة للدولة.

كما إن عدم التوقف عن الصرف ببذخ لأجهزة ووزارات، مثل الخارجية اليمنية، التي تحمل في جرابها أكثر من 100 سفارة في الخارج، وفي دول لم نسمع عنها مثل الدومنيكان وسورينام، حتى إن سفارات اليمن في الخارج أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية.

كل هذه الأمور تزيد من هذا الاستنزاف المالي غير المبرر، وغير المقبول في بلد يعاني أكبر أزمة إنسانية في العالم، ناهيك بالطبع عن الصرف لعدد يتراوح -استنادا لبعض المصادر- من ستة آلاف إلى عشرة آلاف موظف بالعملة الصعبة، وهم أعضاء مجلسي النواب، والشورى، وجيش جرار من الوزراء، والوكلاء، والوكلاء المساعدين، وحتى مدراء العموم السابقين، والحاليين، واللاحقين الأحياء منهم والأموات، بالإضافة إلى المستشارين، وقادة عسكريين، وأمنيين سابقين، وحاليين، وحتى لاحقين، تشملهم قوائم الفساد والإفساد، دون أن يقدم جميع هؤلاء أي خدمات للبلد، ودون أن يلمس المواطن أي تحسن في معيشته، التي تنزلق يوما بعد يوم إلى هاوية المجاعة غير المعلنة.

حيال الوضع المتدهور كان لزاما على الحكومة والمالية، تفعيل قانون محاكمة شاغلي الوظائف العليا، وإيقاف قرارات التعيينات العبثية، ولا تكتفي باستعراض العضلات على رواتب موظفي الخدمة العامة، فمحاربة الفساد تتطلب إرادة حقيقية تهدف إلى كنس الدرج من أعلى إلى أسفل وليس العكس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى