الحروب الحديثة ليست محصورة في الأعمال والمعارك القتالية بين الوحدات العسكرية لطرفين أو أكثر، بل صارت أوسع في مجالاتها وتنوّع ساحاتها وأدواتها، ما بين حصار اقتصادي وسياسي، وخلق كيانات، وحرب خدمات، وتجويع، واستنزاف، وحروب إعلامية، وإقصاء وتهميش، بل وشراكة.. إلخ.
في هذا السياق المتشابك من الحرب شارك المجلس الانتقالي الجنوبي في المجلس الرئاسي والحكومة، دخل شراكة في سلطة مسمّى دولة يمنية تتنازعها أطراف عدة ومشاريع عدة، تحارب مشروعه ويحارب أجندتها ضد مشروعه، هم يفهمون ذلك وهو يفهمه، لكنه المتاح سياسيًا في سياق الحرب، شراكة في بلد مازال العالم يعترف بمظلة "الجمهورية اليمنية" المهترئة، وقد ميّز شراكته بالقسم الذي أقسمه وبالنشاطات التي يمارسها في هذه الشراكة! لكن المظلات الافتراضية لا تهم أمام القضايا العادلة، فصحيح أن قضية الجنوب تحت مظلة الجمهورية اليمنية، لكن لها أشباه كقضية جنوب السودان كانت قضية داخلية ولم تكن في يوم ما دولة، وكذا جمهوريات البلقان كانت قضايا داخلية، فانتصرت القضايا العادلة وتجزأت المظلات الافتراضية الواحدة.
الدولة الحالية تعرفها كل دول العالم أنها تعيش خارج دستورها، وخارج المبادئ الأساسية لشكل سلطات الدولة، ففيها انقلاب غير دستوري صدرت ضده قرارات دولية ويتعامل العالم معه، ومجلس رئاسي غير دستوري في عدن وكلها تستمد مشروعيتها في هذه الدولة الافتراضية بما تملكه من الأمر الواقع أو "بحبل من الإقليم".
كثر الغمز واللمز من "إياهم" - في إطار الحرب الإعلامية - بأنه لم توجه دعوة للمجلس الانتقالي الجنوبي لحضور الدورة 87 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا من بديهيات تعامل الأمم المتحدة فدعواتها تكون لدول سواء هذه الدول فعلية في الواقع أو افتراضية"فندقية"، وليست لأحزاب ولا ممثلي قضايا وطنية مهما كانت قوتها وعدالتها، وليست سبقًا صحفيًا يكتشفه الصحفي "فلان" أو يعلق عليها "الفسبكي الافتراضي فلان"!