80 حارسا تغيبوا عن العمل يوم فرار الإرهابي دانييل خليفة

> «الأيام» اندبندنت عربية:

> كشفت حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن أن 80 عنصراً من حراس سجن "إتش أم بي واندسوورث HMP Wandsworth كانوا غائبين عن العمل، في اليوم الذي زعم فيه أن المشتبه فيه الإرهابي دانييل خليفة هرب من السجن الواقع جنوب غربي العاصمة البريطانية.

وأقر أحد وزراء حزب "المحافظين" بأن نحو من 40 في المئة من موظفي السجن لم يحضروا إلى "مناوبتهم المتوقعة"، لكنه زعم أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن النقص في الموظفين لم يكن سبباً في الخرق الأمني الواضح الذي حدث.

وتحدث خبراء أمنيون عن أن الأجواء المشحونة بالتوتر، وانخفاض الأجور، وتزايد أعمال العنف والاعتداءات على الموظفين، جميعها عوامل تسببت بأزمة نفسية لدى العناصر التي تضمن أمن السجن. ورأى حزب "العمال" البريطاني المعارض أن معدل الغياب "المثير للاستغراب" في سجن واندسوورث، أظهر أن مشكلات النقص في التوظيف "تجعل الناس أقل أماناً".

يأتي ذلك بعد اتهام دانييل خليفة بالفرار من سجن واندسوورث في السادس من سبتمبر الماضي، عندما ربط نفسه بالجانب السفلي من شاحنة توصيل الطعام، لكن هذا الشاب البالغ من العمر 21 عاماً ألقي القبض عليه بعد أربعة أيام، عندما ضبطه شرطي في وحدة مكافحة الإرهاب وهو يركب دراجة عند ممر قناة في غرب لندن.

وكان قد تم، يوم الجمعة الماضي، تكليف كيث بريستو المدير العام السابق لـ"الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة" إجراء تحقيق في الحادثة. وسينظر في طريقة وصول خليفة إلى بعض المواد أثناء وجوده في السجن التي مكنته من تدبير عملية فراره، إضافة إلى مستويات التوظيف والتدابير الأمنية المتبعة هناك.

وسيشمل التحقيق أيضاً ما إذا كان خليفة قد حصل على "مساعدة داخلية" في هربه المزعوم، وهو الاحتمال الذي كانت "اندبندنت" قد أشارت إليه للمرة الأولى يوم الخميس الماضي.

يأتي الكشف عن غياب موظفي السجن رداً على سؤال برلماني طرحه حزب "العمال" على الحكومة. وأجاب وزير الدولة البريطاني لشؤون السجون داميان هيندز، بأن 61 فقط من عناصر سجن واندسوورث حضروا إلى العمل كما هو متوقع في يوم الهرب المزعوم.

وحرص الوزير البريطاني على القول إن مستوى الحضور هذا هو "مقبول"، مشيراً إلى أن "جميع موظفي مطبخ السجن والعناصر المكلفين حراسة البوابة الرئيسة، كانوا في الخدمة في السادس من سبتمبر . ولم يتبين من التحقيق الأولي في عملية فرار دانييل خليفة أن مستوى حضور الموظفين إلى العمل كان عاملاً مساهماً في فراره.

إلا أن تشارلي تايلور كبير مفتشي السجون في المملكة المتحدة، اعتبر أن "المشكلة الأكبر التي تواجه سجن واندسوورث هي النقص في عدد الموظفين". وأظهر تقرير كان قد وضعه في عام 2021، أن 30 في المئة من عناصر هذا السجن كانوا غائبين بسبب المرض أو لم يحضروا إلى الخدمة أثناء التفتيش.

ولفت تايلور إلى أن عدداً من حراس السجون في مختلف أنحاء إنجلترا يعانون مشكلات على مستوى الصحة العقلية، وبعضهم توقف فعلاً عن العمل بسبب اعتداءات السجناء عليهم. وأكد المفتش البارز أن تزايد العنف داخل السجون أدى إلى "حلقة مفرغة" ضارة، دفعت بالموظفين إلى المكوث في منازلهم، مما أدى إلى تضاؤل القوة العاملة المتاحة لإدارة حوادث العنف أو منعها.

وقال تايلور لـ"اندبندنت"، إن حراس السجن "يتعرضون أثناء عملهم لمستويات عالية من التوتر، وللعنف في بعض الأحيان". وقال إنه "في عدد كبير للغاية من السجون التي قمنا بتفتيشها، برزت مخاوف مرتبطة بالنقص في عدد العاملين، وبقلة الخبرة النسبية لدى العناصر الموجودين على الخطوط الأمامية".

وأوضح كبير المفتشين أن فريقه أصدر في الشهر الماضي إنذاراً عاجلاً بوجوب إجراء تحسينات في سجن "إتش أم بي وودهيل" HMP Woodhill الذي يخضع لحراسة مشددة، بعدما تبين له أنه لم يكن هناك سوى نصف عدد العناصر من "الرتبة الثالثة" الأكثر خبرة في الخدمة.

وأكد السيد تايلور أن النقص في عدد الموظفين، يمثل مشكلة مستمرة في عدد من السجون في بريطانيا، بما فيها سجون بيرمنغهام وسوالسايد وستوكين وإلملي وغيرها. وفي المقابل، تبين من أحدث تقرير وضعه فريقه عن سجن "إتش أم بي ماونت" HMP Mount في مقاطعة هيرتفوردشير شمال لندن، وجود نقص بنحو 40 في المئة في عدد الموظفين المتوافرين.

أندريا ألبرت رئيسة "جمعية محافظي السجون" Prison Governors" Association (هيئة تمثل المديرون التشغيليين ومحافظي السجون وكبار المديرين في "الخدمة الوطنية لإدارة المجرمين" National Offender Management Service (NOMS))، أقرت بوجود "مشكلة في التوظيف وفي الحفاظ على الموظفين في عملهم"، وعزت الأسباب إلى ارتفاع معدلات العنف في تلك المؤسسات، والضغط النفسي، والأجور المنخفضة، و"محدودية" فرص التنمية، على حد وصفها.

وأضافت ألبرت: "لدينا في بعض سجوننا مستويات عالية من الموظفين المرضى، ونواجه مشكلات مرتبطة بسلامة العاملين. إنها في الواقع بيئة مرهقة للغاية. وربما أود أن أقول إنه في بعض السجون، يعد الأمر خطراً للغاية. فجزء منها يعمل بمستويات توظيف مماثلة لمستويات سجن واندسوورث، ما يعني أنه ربما يكون لديها خفض في عدد الموظفين بنسبة 30 إلى 40 في المئة على أساس يومي".

لكن السيدة ألبرت لفتت إلى أن بعض السجون تنشط في اتجاه تعيين مزيد من الموظفين، لذا يمكن إرسال الفائض من هؤلاء إلى "أماكن مثل واندسوورث" لتعزيز أعداد موظفيها.

وأشارت مصادر في وزارة العدل البريطانية إلى أن من بين حالات الغياب الـ80، كانت هناك حالات إجازة سنوية وإجازة أمومة وتدريب، مشيرة إلى أن جميعها لم تكن ناجمة عن إبلاغ العناصر عن حالات مرضية أو أخذ إجازة غير موافق عليها.

لكن روزينا ألين خان من حزب "العمال" وهي عضو في البرلمان عن دائرة واندسوورث، التي استفسرت عن وضع التوظيف، أشارت إلى أنه "من المثير للصدمة اعتبار عدم توافر ما يقرب من 40 في المئة من الموظفين أمراً مقبولاً".

وقالت لصحيفةـ "اندبندنت": "عندما زرت سجن واندسوورث قبل بضعة أشهر، كانت المشكلة التي يواجهونها هناك تكمن في نقص عدد الموظفين... وفي إحدى ليالي ديسمبر (كانون الأول)، لم يحضر سوى ستة عناصر إلى المناوبة. إلا أن الحكومة عمدت إلى تجاهل مخاوفي".

شبانة محمود وزيرة العدل في حكومة الظل "العمالية" المعارضة، قالت إن "عدم حضور ما يقرب من 40 في المئة من الموظفين إلى الخدمة، يشكل دليلاً على أن الظروف القاسية في السجن لها عواقب وخيمة".

ووصفت الوضع بالقول: "لقد وصلت الروح المعنوية بين الموظفين إلى الحضيض، كما أن معدل مغادرة الموظفين ذوي الخبرة يشكل مصدر قلق حقيقي".

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اعتبر أنه سيكون "من السابق لأوانه" مناقشة وقوع "حوادث محددة"، إلى أن يتوصل تحقيق مستقل إلى إثبات الوقائع. وامتنع عن التعبير عما إذا كان مستوى التغيب مقبولاً، لكنه "حض الجميع - بغض النظر عن مكان عملهم - على الوفاء بالتزاماتهم، والحضور (إلى العمل)".

يشار هنا إلى أن تحليلاً أجرته "اندبندنت" نشر هذا الأسبوع، بين أن نحو 60 في المئة من حراس السجون في المملكة المتحدة، كانت لديهم أكثر من 10 أعوام من الخبرة في هذا المجال حتى عام 2017 - لكن الرقم انخفض إلى نحو 30 في المئة بحلول شهر يونيو من السنة الجارية.

"رابطة موظفي السجون" Prison Officers" Association (POA) (نقابة مهنية للعاملين في السجون والإصلاحيات والطب النفسي الآمن، يبلغ عدد أعضائها أكثر من 30 ألفاً)، لفتت إلى أن تخفيضات الموازنة الحكومية شكلت سبباً في انخفاض معدلات التوظيف. وقال ميك بيمبليت المتحدث باسمها، إن أرقام التوظيف في سجن واندسوورث كانت "مثار قلق شديد"، مؤكداً أن هذا الوضع "ينسحب على عدد من تلك المؤسسات في مختلف أنحاء إنجلترا وويلز، التي لا يختلف وضعها كثيراً عن وضع واندسوورث".

القيادي في النقابة لفت إلى أن الموظفين لا يرغبون بالعمل ساعات إضافية، "بسبب الإرهاق والواقع المتمثل في بيئة العمل المحفوفة بالمخاطر والمجهدة من الناحية النفسية".

وأكد أخيراً وزير الدولة البريطاني لشؤون السجون داميان هيندز أن الحكومة "وظفت نحو أربعة آلاف من حراس السجون الإضافيين منذ شهر مارس (آذار) عام 2017، وقمنا أيضاً بتوظيف نحو خمسة آلاف في السجون العامة والخاصة بحلول منتصف العام 2020".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى