مشاورات الرياض وصنعاء بين السلام وعودة الحرب؟

> د. فضل الصباحي:

> يقول الحكماء: "الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لأفراد الشعب بالمشاركة فيها".. انتهت الحرب في اليمن وخسر الشعب كل شيء، وربح القادة وتجار الحروب.

فهل تقبل أطراف بأن يتخلوا عن أنانيتهم قليلًا ويسمحوا لهذا الشعب بالعيش بسلام والعودة إلى الحياة الطبيعية؛ يستلم الموظف راتبه نهاية كل شهر ويسافر عبر مطاراته إلى مختلف دول العالم، ويعود الأسرى والمعتقلين إلى أسرهم، ويتم إعادة إعمار ما دمرته الحرب بغض النظر إذا كانت السعودية طرفًا في الحرب أو وسيطًا في السلام.

أحلام الشعب اليمني: كلها بسيطة يمكن حلها إذا صدقت النيات ولا تحتاج إلى كل هذه اللقاءات الغامضة؟

الخطوات الصحيحة نحو السلام تبدأ بالوضوح أولًا بين صنعاء والرياض، بعد ذلك يجب أن تشمل المحادثات السياسية جميع الأطراف اليمنية، من أجل التوافق على "شكل الدولة" والعمل بصدق على تحقيق السلام العادل الذي يضمن جميع الحقوق في الشمال والجنوب.

في هذا المقال لن أتحدث عما يدور خلف (الكواليس) وسوف أكتفي بجمع بعض خيوط اللعبة السياسية المعروفة لدى المتابعين للشأن اليمني.

بعد زيارة وفد صنعاء إلى الرياض لم يُعلن أي نتائج واضحة فيما يخص الملف الإنساني.

التصريح الخجول لرئيس وفد صنعاء محمد عبد السلام "يؤكد بأن الحُوَار كان مباشرًا بين صنعاء والرياض، وتركز على المطالبة بصرف المرتبات ومعالجة الوضع الإنساني" ولم يذكر أي نتائج إيجابية حول الموضوع.

التصريح السعودي على لسان الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع، وهو أن الحوارات التي تدور هي بين صنعاء والرياض.

الأمير خالد قال في تصريحه بأنه التقى مع وفد صنعاء من أجل دعم عملية السلام في اليمن، وتشجع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار؛ للتوصُّل إلى حل سياسي شامل ودائم في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة، التصريح أظهر السعودية في دور الوسيط وهذا لن يغير الحقيقة، المهم في الأمر هو السير بنوايا صادقة نحو السلام.

التصريحات المتبادلة بين (صنعاء والرياض) لم تكن في مستوى التحول الكبير في العلاقة بينهم خاصةً في الفترة الأخيرة بعد تبادل الزيارات بين صنعاء والرياض.

التصريحات فيها الكثير من الغموض والحذر في اختيار الكلمات، هذا التحايل على الحقائق لن يؤسس لسلام شامل أبدًا .. الوضوح والمصداقية في الطرح وتحديد المطالب والمصالح وكشف التخوفات لدى كل طرف؛ هو الطريق الصحيح لتحقيق السلام العادل، غير ذلك سوف تتصاعد المواقف والخاسر الأكبر هو الشعب اليمني، والفوضى سوف تؤثر على السعودية والمنطقة كُلَّها.

الحقيقة: التي يعرفها الجميع هي أن الحرب شاركت فيها أطراف داخلية وخارجية لمدة 8 سنوات حتى بدأت السعودية في البحث عن السلام والبداية كانت من (التصالح مع إيران) وتشكيل وفد رسمي زار صنعاء هذا التوجه السعودي نحو السلام غير كل التوقعات وقلب كافة الموازين السياسية، ولا شك بأنه يُعبر عن رؤية استراتيجية متطورة لدى القيادة السعودية التي أدركت في السنتين الأخيرتين؛ حجم الأضرار الكبيرة التي خلفتها الحرب على اليمن، وكان لابد من اتخاذ موقفًا حاسمًا لوقف الخسائر ووضع الحدود للاستنزاف الغربي، وحماية السعودية من أي هجمات قد تؤثر على رؤية 2030 التي تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة، وبداية للتحولات الكبرى في الانفتاح على العالم وتأسيس المشروعات الاقتصادية العملاقة.

يتساءل المحللون السياسيون في الداخل والخارج هل حقًا تسعى السعودية لوقف الحرب الخارجية والداخلية في اليمن؟ وما هي الضمانات الواضحة التي تلزم جميع الأطراف بوقف القتال من أجل تحقيق الحل السياسي الشامل في اليمن؟ وما هو الشكل القادم للدولة اليمنية؟ تساؤلات كثيرة حيّرت المراقبين للوضع اليمني.

السعودية: لها أهداف استراتيجية وأمنية في اليمن وتريد تحقيقها وبقاء مصالحها في جنوب اليمن سواءً ضمان استخدام المنافذ إلى البحر العربي عبر المهرة وحضرموت على الرغم من التوافق بين الرياض وعُمان على توزيع دوائر النفوذ في المهرة وحضرموت وتبادل المصالح الاقتصادية بينهم عبر المنافذ البحرية والبرية.

لا شك بأن السعودية لديها طموحات في توسيع محيط مصالحها وهي في حاجة ضرورية إلى منفذ عبر البحر العربي لتصدير نفطها بعيدًا عن مضيق هرمز وباب المندب، وفي شمال اليمن السعودية تعمل بصمت ودهاء من أجل ضمان أمنها الاستراتيجي وحماية حدودها، وتسعى إلى تنفيذ المنطقة العازلة على حدودها مع اليمن.

أخيرًا، من حق الشعب اليمني العيش بسلام في ظل الدولة العادلة التي تحمي كرامته وحريته وتوفر له الحياة الآمنة المستقرة “اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا” إسعاد المواطنين وتلمس احتياجاتهم وتلبية مطالبهم؛ كلها حقوق مقدسة على من يحكمهم وهي عند الله والتاريخ والإنسانية أهم من كل المهرجانات والفعاليات الوطنية والدينية، مهما كانت أهدافها ورسائلها.. المجتمع المستقر في حياته ومعيشته هو صمام الأمان للدولة، وغياب الحرب لا يعني السلام، ولاتزال السحابة السوداء تُخيمّ على سماء اليمن.
"رأي اليوم"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى