نقص الغذاء يهدد اليمنيين.. وزيادة الفقر تعمّق الركود الاقتصادي
> «الأيام» العربي الجديد:
>
الأهم في هذا الخصوص كما تشير هذه التقديرات أن نصف إجمالي عدد الذين فقدوا حياتهم، ماتوا لأسباب غير مباشرة مثل نقص الغذاء أو الرعاية الصحية، أو البنية التحتية.
معظم المؤشرات العالمية حول الجوع والأمن الغذائي الصادرة منذ مطلع العام الحالي 2023 ترسم صورة قاتمة للوضع في اليمن، حيث تكافح الأسر لكسب لقمة العيش وتوفير تكاليف الغذاء والخدمات الأساسية منذ ما قبل تصاعد الصراع، عدا عن تفاقم المعاناة، خلال الفترة الماضية، من انعدام الأمن الغذائي الحاد على أساس الجغرافيا والنزوح. ويعكس الركود الذي تمر به الأسواق التجارية في عموم مدن اليمن مستوى التدهور الذي وصلت إليه الأوضاع المعيشية والاقتصادية وشح السيولة المالية التي تكاد تنعدم لدى شريحة واسعة من اليمنيين، وسط غياب دور الأجهزة الحكومية في هذا الصدد.
ويذكر بيان صادر في 20 سبتمبر عن أربع وكالات أممية ، أن أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75 % من سكان اليمن، ممن أرهقتهم سنوات الحرب الثماني يحتاجون إلى مساعدات.
في الوقت الذي وصلت فيه أوضاع ومعيشة اليمنيين إلى مرحلة هي الأصعب من التدهور والانحدار على كافة المستويات مع وصول تأثيرات ذلك إلى الأسواق التجارية، تنشغل أطراف الصراع ببسط نفوذها وهيمنتها على المناطق التي تديرها لتقوية موقفها في مفاوضات تقاسم كعكة الثروات الطبيعية والعائدات النفطية.
وتتوالى التقارير والبيانات والإحصائيات الأممية والدولية والمحلية منذ مطلع سبتمبر 2023، والتي تبرز تبعات الصراع الكارثية على اليمنيين وسط تحذيرات متصاعدة من التقاعس الحاصل في الجهود الإقليمية والدولية وانخفاض المساعدات والتمويلات الموجهة للتخفيف من حدة الأزمة الغذائية. ويعيش اليمن الذي يمر بأسوأ عام على المستويات الاقتصادية والإنسانية منذ بدء الصراع في البلاد قبل نحو ثمانية أعوام، على وقع تضخم تبعات هذا الصراع وتسببه بخسائر فادحة في حياة وصحة الشعب اليمني وآفاقه الاقتصادية، حيث تشير آخر التقديرات إلى أن حوالي 377 ألف شخص فقدوا حياتهم بسبب الآثار المباشرة وغير المباشرة للصراع في اليمن بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير صادر في العام الماضي 2022، منهم أطفال دون سن الخامسة يمثلون نحو ثلثي القتلى.
- تدهور الأوضاع الإنسانية
- تقلص الشراء
استطلع "العربي الجديد"، وضعية عينة من اليمنيين في مناطق مختلفة خاضعة لسلطات متعددة في كل من صنعاء والمحويت، عدن وحضرموت، وكذا تعز والمخا، إذ يشترك الجميع في المعاناة بنسب متفاوتة لكنها متقاربة من القسوة بشكل كبير، في حين أفاد كثير ممن تم استطلاعهم بأن حركة تواصلهم بالأسواق تراجعت بصورة واضحة بسبب انعدام السيولة لديهم مع ارتفاع الأسعار بالرغم من الركود النسبي الحاصل في الأسواق.
يقول المواطن سعيد القباطي، إن كثيرًا من الأسر لا تجد قوت يومها حيث أصبحت تعيش على الكفاف، في حين يؤكد المواطن حمدي ناصر أن تركيز الكثير من اليمنيين ليس على الأكل وتوفير الوجبات اليومية بل على إطفاء لهيب الجوع وفق تعبيره، وهو نفس تعبير المواطن بشير جمال الذي يتحدث عن تقلص حركتهم في الذهاب إلى الأسواق ومخازن بيع الغذاء.
- تهاوي العملة المحلية
لجأ اليمنيون، الذين يعيشون في ظروف حرب صعبة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، إلى استراتيجيات تكيف مبتكرة، ولكن مدمرة في كثير من الأحيان.
تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي قد انخفض إلى النصف تقريبًا منذ بداية الصراع، على الرغم من حدوث انتعاش طفيف في عام 2022.
الباحث الاقتصادي مجد إبراهيم، يوضح، أن تدهور سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية يعد في طليعة الأسباب والعوامل التي أثرت على تفاقم الأوضاع المعيشية، إذ لا يمكن إغفال عامل فقدان العملة المحلية قيمتها بنسبة كبيرة في التدهور الاقتصادي الذي دفع الحكومة إلى الاعتماد بنسبة كبيرة في الإيرادات على التمويلات والمنح والودائع الخارجية بهدف توفير احتياطي نقدي لمساعدة السلطات على مواجهة تدهور العملة والسيطرة على الأسواق ووقف المضاربة، لكن ذلك لم يحقق أي أثر مع استمرار العملة بالتدهور والاضطراب ملقية بتبعاتها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لليمنيين.