تقرير يكشف خفايا التصفيات والاغتيالات في تعز

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> ​اغتيالات جديدة تُطل برأسها في مدينة تعز اليمنية، تحمل "بصمات إخوانية حوثية"، في مسلسل أدمى العاصمة الثقافية للبلاد.

وأفاد مصدر صحفي بأن مدينة تعز، ذات أكبر كتلة سكانية باليمن، شهدت الأحد، عملية اغتيال طالت رجل أعمال يدعى جبران قائد العقيلي وسط المدينة، بالإضافة إلى محاولة اغتيال أصيب على إثرها بشكل بليغ ضابط عسكري يدعى محمد الجائفي، وهو أركان حرب في اللواء 35 مدرع في الجيش اليمني.

ونقل مراسل "العين الإخبارية" عن شهود عيان ومصادر محلية، قولهم إن "مسلحين ملثمين كانوا على متن دراجة نارية أطلقوا النار على جبران العقيلي، وهو مالك مؤسسة العقيلي للصرافة والتحويلات، أثناء قيادته سيارته في بلدة السائلة، وسط مدينة تعز قبل أن يلوذ الجناة بالفرار".

المصادر ذاتها، أشارت إلى أن مسلحا آخر كان على متن دراجة نارية أطلق النار على أركان حرب اللواء 35 مدرع الرائد الجائفي، في سوق "العين" مركز مديرية المواسط في ريف تعز، ما أسفر عن إصابته برصاصتين في عنقه، قبل أن يلوذ بالفرار فيما تم إدخال الضابط المصاب إلى العناية المركزة. 

ووفق خبراء ومراقبين حملت الجريمتان بصمات الإخوان، حيث جاءت الأولى على خلفية عدم دفع رجل الأعمال إتاوات لمسلحين موالين لحزب الإصلاح الإخواني.

أما الثانية فكانت رسالة إخوانية صريحة لأحد الضباط الموالين للتنظيم، والذي لعب دورًا محوريًا في عملية الاغتيال التي هزت اليمن أواخر 2019 وطالت قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن عدنان الحمادي، وفق خبراء.

واعتبر الخبراء ممن تحدثت معهم "العين الإخبارية"، أن جرائم الاغتيالات في تعز تؤكد بما لا يدع مجالا للشك صيرورة التنسيق الإخواني الحوثي كونها اغتيالات تتم عبر جناة محترفين يستطيعون الفرار والاختفاء بسرعة، بالإضافة إلى أن أسلحة التنفيذ وأدوات الجريمة ودقة التنفيذ تشير إلى بصمات الطرفين.

ويحذرون من أنها تنذر بموجة جديدة ومرعبة من جرائم القتل والتصفيات التي يغذيها الإخوان والحوثيون وتطال خصومهم من السياسيين والعسكريين والأمنيين.
ويتقاسم الحوثي والإخوان مشهد السيطرة على محافظة تعز، حيث تسيطر مليشيات الأول على 7 مديريات شرقًا وشمالًا وغربًا، بالإضافة إلى مدينة الحوبان، فيما تعد 16 مديرية بحكم المحررة وتخضع غالبيتها للإخوان بما فيها مركز المحافظة.

موجة جديدة ومرعبة
وقال المحلل السياسي اليمني عادل البرطي، لـ"العين الإخبارية"، إن "الاغتيالات في تعز تطال صنفين، الأول المناهضون والمعارضون لسيطرة الحوثي والإخوان على مرافق ومؤسسات الدولة، والصنف الآخر هم الأدوات أو الأوراق المحروقة ممن خدموا حزب الإصلاح الإخواني".
وعن المعسكر الأول استشهد البرطي بـ "تصفية الإخوان لأبرز القادة في اليمن، وهو قائد اللواء 35 مدرع اللواء الركن عدنان الحمادي والذي لا تزال قضيته في النيابة الجزائية المتخصصة في عدن شاهدة وماثلة على جرم التنظيم الإرهابي".

وأشار إلى أن "الإخوان لجأوا إلى الاغتيالات كنوع من رسائل ترهيب المجتمع، كما حدث للطبيب المغدور أصيل الجبزي الذي تم أسره ومن ثم تقطيع جسده، في رسالة إرهاب لترويع المجتمع وتطويع والده العميد عبدالحكيم الجبزي المعارض لهم".

أما المعسكر الثاني فيتمثل في "اغتيال الأدوات أو الأوراق المحروقة التي خدمت الإخوان وباتت تمثل تهديدا للتنظيم في كشف جرائمه، وقد تكون أدوات مستأجرة من خارج التنظيم تم استقطابها عن طريق الترغيب والترهيب أو عن طريق جر المصلحة لها"، وفق البرطي.

وعن هذه الأدوات، أشار البرطي إلى اغتيال القيادي الإخواني ضياء الحق الأهدل، المسؤول عن ملف الاغتيالات والاختطافات والسجون والمعتقلات السرية للإخوان والذي اغتيل من قبل مرافقه الشخصي المنضوي تحت عباءة التنظيم.

وعن محاولة الاغتيال التي طالت الضابط محمد الحائفي، يوم الأحد الماضي، اعتبرها البرطي "جزءا من تصفيات إخوانية لمن خدموا التنظيم وأصبحوا يشكلون عبئا ثقيلا وعائقا أمام التنظيم".

وقال إن تلك الاغتيالات "تؤكد بما لا يدع مجالا للشك صيرورة التخابر الإخواني الحوثي والتنسيق العالي بينهما لتصفية القيادات العسكرية والأمنية الوطنية، والتي تخالف العقيدة الدينية لكلا الطرفين وهو ما يرونه عاملًا مشتركًا بينهما وقد أثبتت الأحداث جدية هذا التخابر وليس في تعز فقط بل في مختلف مناطق اليمن".
  • التنظيم يتفكك
من جهته، قال رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات في جنوب اليمن صالح أبوعوذل إن تنظيم الإخوان في اليمن لم يعد التنظيم المتماسك، وأصبحت فيه تيارات عديدة، بعضها تدين بالولاء للتنظيم الدولي للإخوان وأخرى تدين للمشروع الحوثي.
وأشار إلى أن الكثير من قيادات التنظيم الإخواني توجد في صنعاء، وتلتقي علانية بالقيادات الحوثية منذ بداية الحرب.

وأكد أن التصفيات والاغتيالات في تعز تتم من خلال استهداف القيادات العسكرية التي يرون أنها قد تربك المشهد السياسي في هذه المدينة، التي يريد الحوثيون الدخول إليها دون حرب والسيطرة عليها، ضمن استراتيجية توحيد الحرب ضد الجنوب، وهو ما أفصحت عنه مبادرة مهدي المشاط بشأن فتح الخطوط في مدينة تعز.

وأشار إلى أن حوادث الاغتيالات تعيد إلى الأذهان قضية اعتقال القيادي الإخواني محمد قحطان، الذي لا يزال يقبع في سجن الحوثيين بطلب من نجل مؤسس تنظيم الإخوان في اليمن حميد الأحمر.
وقال إن هناك تسجيلًا موثقًا يؤكد أن قحطان زج به في السجن نتيجة اعتراضه على التحالف بين الإخوان والحوثيين.

ولفت إلى أن قضية التصفيات بما فيها تلك التي تطال قيادات إخوانية تعد خطوة أولى لتصفية القيادات السياسية والعسكرية الإخوانية المحسوبة على تعز وإب، لصالح تقوية أعضاء الإخوان الذين يدينون بالولاء للحوثيين.
يشار إلى أن تعز هي العاصمة الثقافية لليمن، وذات أكبر كتلة سكانية، وتعد موطن أكبر القواعد الشعبية للأحزاب وتتمتع بجغرافية استراتيجية مطلة على ممر باب المندب الدولي.
  • سجل الاغتيالات
تعيد الاغتيالات في مدينة تعز اليمنية التذكير بأن هذا الملف بات قضية حاضرة على الدوام وبكثافة في مدينة تخضع للإخوان ويحاصرها الحوثيون.
وسبق الحادثتين عملية اغتيال ضابط المخابرات المقدم عدنان المحيا، في حي "الجمهوري" وسط المدينة المصنفة عاصمة ثقافية للبلاد، في 15 أغسطس الماضي.

ولم تعلن شرطة تعز الموالية للإخوان أية تفاصيل بشأن هوية الجناة حتى اليوم، رغم أن مصدرا أمنيا قال آنذاك لـ "العين الإخبارية" إن تنظيم القاعدة الإرهابي يقف خلف العملية وبدعم وتمويل من مليشيات الحوثي.

وفي 21 يوليو الماضي، اغتال مسلح ملثم رئيس فريق برنامج الغذاء العالمي في تعز مؤيد حميدي، أردني الجنسية، أثناء خروجه من أحد مطاعم مدينة التربة جنوبي محافظة تعز، في جريمة لاقت تنديدا عربيا ودوليا وأمميا واسع النطاق.
وفي 11 يوليو الماضي، اغتال مسلحون ملثمون المساعد في قوات الأمن الخاصة في محافظة تعز النقيب صلاح العمراني أمام منزله، في الخط الدائري في المحافظة نفسها.

ومطلع أبريل الماضي، اغتال مسلحون مجهولون الضابط في وزارة الدفاع اليمنية العقيد ياسر الحاشدي في بلدة "وادي القاضي" وسط مدينة تعز، في وقت لم تفصح شرطة تعز عن الجهة التي تقف خلف عمليات الاغتيالات هذه.
وفي 19 فبراير الماضي تعرض تربوي يدعى "أنور عبدالفتاح الصوفي" لعملية اغتيال مماثلة.

كما اغتال مسلحون في 30 يناير الماضي الضابط في وزارة الداخلية اليمنية العميد عبدالله القيسي لدى خروجه من منزله في حي "الجمهوري"، شرقي تعز.
وكانت تعز قد عاشت هدوءا نسبيا خلال 2022، بعد أن شهدت أكثر من 14 حالة اغتيال ومحاولة واحدة في 2021 راح ضحيتها 5 قيادات بارزة وأصيب 10 جنود آخرون، بالإضافة إلى سقوط العديد من المدنيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى