هيئة مكافحة الفساد ومعايير تقييمها المسبق

> لفت انتباهي تصريح لرئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، في مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أيام، بأن مسؤولًا حكوميًا طلب من الهيئة تعبئة استمارة ذمة مالية، ووصفته بالتجربة الفريدة في تطبيق الشفافية والمحاسبة والمساءلة، كونه أول مسؤول حكومي يقوم بهذا الإجراء.. ولا ينفع القول من الوهلة الأولى بأن ذلك المسؤول لعب دورًا كبيرًا في مكافحة الفساد، وبأنه حقق نجاحًا نوعيًا في القضاء على بؤر الفساد دون تقييم مسبق، استنادًا إلى معايير النزاهة.

ومع تسليمنا بحسن النوايا لرئيس الهيئة على اعتبار هذا العمل هو من باب التشجيع لكل المسؤولين، لتقديم إقرارات ذممهم المالية للهيئة وفق أحكام قانون الإقرار بالذمة المالية.. ومع إشادتنا بما فعله هذا المسؤول باعتباره تصرف ينم عن وعي قانوني والتزام أخلاقي لشاغل وظيفة عامة في السلطة العليا في بلد غارق في بحار الفساد.. إلاّ أننا لنا مآخذ على ذلك التصريح، حيث كان من المستحسن أن يتم طرح الموضوع بشكل مهني وليس بشكل ترويج إعلامي، فتقديم إقرار الذمة المالية يتطلب متابعة وفحص وتحليل لهذه الإقرارات، كما نصت على ذلك أحكام المواد 7 و8 و9 و10 و11 و12 من قانون الإقرار بالذمة المالية، وذلك قبل إصدار أي أحكام مسبقة بنزاهة هذا المسؤول أو ذاك.

إن إصدار أحكام مسبقة بالنزاهة والشفافية هي أشبه بقيام بعض الجامعات بتقديم شهادات دكتوراة فخرية، للشخصيات السياسية أو الاقتصادية أو الوجاهات الاجتماعية لأغراض وأسباب عديدة ليس هذا المجال لذكرها، حيث أن استمارة الإقرار بالذمة المالية تخضع لقواعد ومعايير ومحددات وضوابط نظمها قانون الإقرار بالذمة المالية.

نأمل من هيئة مكافحة الفساد تفعيل قانون الإقرار بالذمة المالية، وذلك عبر مخاطبة أعلى سلطة تنفيذية في البلد والمتمثلة بمجلس القيادة الرئاسي، لإلزام كافة الوزراء والمسؤولين المشمولين بالقانون، بتقديم إقرارات ذممهم المالية للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وفق أحكام القانون، وليبدأ أعضاء مجلس القيادة بأنفسهم حتى يكونوا قدوة لغيرهم.. هذا بالطبع إذا كان هناك جدية فعلًا في مكافحة ومحاربة الفساد والذي يعتبر آفة البلاد الكبرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى