هل يمكن أن يُسقط الناخبون العرب والمسلمون جو بايدن بسبب دعمه إسرائيل؟

> «الأيام» بي بي سي عربية:

> يضمن الطامح في دخول البيت الأبيض نجاحه عندما يبني تحالفًا واسعًا لناخبين من أطياف مختلفة متحمسين لمشروعه حتى وإن اختلفوا حول التفاصيل والأولويات.

وقد استطاع جو بايدن أن يعتمد على تحالف كبير في انتخابات عام 2020 ضم بصورة رئيسية الجناح التقليدي لحزبه الديمقراطي، وهو الجناح الذي ينتمي له بايدن نفسه، بالإضافة للجناح اليساري الصاعد في الحزب والذي يؤيده قطاع كبير من الشباب الأميركي.

كان الناخبون العرب والمسلمون جزءًا من تحالف بايدن الانتخابي؛ إذ صوت أغلبهم لصالحه بسبب رفضهم لخصمه دونالد ترامب الذي كان قد بدأ عهده الرئاسي بفرض حظر على دخول المسافرين من دول مسلمة إلى بلاده، وصدرت عنه تصريحات أثارت قلق كثير من المسلمين الأمريكيين ونفورهم.

لكن الأمور تغيرت الآن بطريقة قد تكون جذرية ومؤثرة والسبب هو الحرب بين إسرائيل وغزة.

أعرب بايدن عن دعمه الكبير وتعاطفه مع إسرائيل بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، مؤكدًا أن واشنطن ترى أن رد إسرائيل على حماس ليس حقًا لها فقط بل واجب، وكذلك أعرب الكونغرس عن تأييده الواسع والكبير لإسرائيل مع استعداد للموافقة على تخصيص دعم مالي لها، ويستند هذا طبعًا إلى أن معظم الأمريكيين يؤيدون إسرائيل تقليديًا ويعتبرونها حليفًا يجب دعمه.

لكن استمرار العمليات الإسرائيلية في غزة مع الدمار والعدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين جعل أصوات الأمريكيين العرب والمسلمين تتعالى ضد سياسة بايدن.

وأصبح مطلب وقف إطلاق النار مطلبًا أساسيًا يتردد في التظاهرات والنشاطات التي ازدادت واتسع مداها، فقد كانت التظاهرة التي نظمها تحالف يضم منظمات داعمة لفلسطين في واشنطن يوم الرابع من نوفمبر الحالي واحدة من أكبر التظاهرات في تاريخ قضية دعم فلسطين في العاصمة الأمريكية، وشارك فيها الآلاف الذين غمروا الشوارع ورفعوا شعارات تنتقد بايدن بشدة، بل وتدينه وتعده مسؤولًا عن سقوط الضحايا الفلسطينيين في غزة.

لم تقتصر التظاهرات والنشاطات المنتقدة لإسرائيل ولسياسة بايدن في الولايات المتحدة على العرب والمسلمين بل ضمت نسبة ملحوظة من الجماعات اليسارية والتقدمية التي يؤيدها جزء مهم من القواعد الانتخابية التي أيدت بايدن ضد ترامب في الانتخابات.

لكن غضبهم الآن ضد بايدن واضح، إذ أصبحوا يتظاهرون مع العرب والمسلمين ويتحدثون ويكتبون ويرفعون أصواتهم مطالبين بإيقاف إطلاق النار أولًا، بل وبإحداث تغييرات جذرية في سياسة واشنطن الداعمة لإسرائيل. حتى أن مجموعة من المنظمات المسلمة الأمريكية بعثت رسالة واضحة لبايدن تقول فيها إنها لن تصوت له إلا إذا فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل.

تزامن هذا مع مؤشر مقلق جدًا لبايدن تمثل في استطلاع رأي نشرته جريدة نيويورك تايمز أظهر أن ترامب يتقدم على بايدن في أوساط الناخبين في مجموعة من أهم الولايات الحاسمة انتخابيا؛ وهي نيفادا وأريزونا وجورجيا وميشيجان وبنسلفانيا.

ورغم أن رد الفعل الأول من إدارة بايدن كان التقليل من أهمية هذا الاستطلاع والإشارة إلى أن المؤشرات تتغير باستمرار إلا أن وضع بايدن الانتخابي ليس على ما يرام وقد أصبح هذا ظاهرًا في تناول وسائل الإعلام ذات التوجه الليبرالي القريب له ولأنصاره، لقضية مصير بايدن السياسي وفكرة طرح مرشحين آخرين من داخل الحزب لاستبداله.

لكن ذلك أمر صعب مع إعلان بايدن، الذي يبلغ عمره واحدًا وثمانين عامًا، أنه سيترشح في انتخابات العام المقبل سعيًا لفترة رئاسية أخرى.

التقيت في الآونة الأخيرة بجيمس زغبي، وهو واحد من أبرز الوجوه الأمريكية ذات الأصل العربي في واشنطن، ويرأس مؤسسة معروفة للأبحاث والاستطلاعات. ويشير زغبي إلى أن اللافت في استطلاعات الرأي هو ليس فقط انخفاض نسبة تأييد بايدن في أوساط الناخبين العرب بل انخفاضها بسرعة وبحدة.

كما يرى زغبي أن بايدن لن يستطيع تعويض ذلك أبدًا، رغم "ادعاءات حملة بايدن الانتخابية بأن الناخبين العرب سيغيرون آراءهم خلال الأشهر المقبلة عندما يقترب موعد الانتخابات".

حاولت إدارة بايدن أن تُظهر بعض التوازن في سياستها إزاء إسرائيل والفلسطينيين، ففي المجال الخارجي أعلنت عن مساعدات إضافية لغزة وسعت لإقناع إسرائيل بالسماح بهدن إنسانية لأن بايدن مقتنع، مثل إسرائيل، أن وقف إطلاق النار سيعني انتصار حركة حماس.

كما أعربت إدارة بايدن بوضوح عن رفضها لإعادة إسرائيل احتلال قطاع غزة أو حصاره، أو إجبار الفلسطينيين على النزوح الجماعي منه.

وفي المجال الداخلي الأمريكي أطلقت إدارة بايدن مبادرة هي الأولى من نوعها لمحاربة الإسلاموفوبيا، لكن زغبي أبدى لي عدم اقتناعه بتلك المبادرة وانتقدها بشدة بسبب تفاصيلها غير الواضحة بل وغير المرضية للمسلمين والعرب الأمريكيين. وقد كان هذا نفس الموقف الذي عبر لي عنه ناصر بيضون، وهو مرشح أمريكي عربي من ولاية ميشيجان يسعى للتنافس على مقعد مجلس الشيوخ للولاية.

يقول بيضون إن تلك المبادرة كتبت بطريقة فيها كثير من السلبيات.

وقد أشار بيضون إلى أن ميشيجان التي تضم تجمعًا كبيرًا للأمريكيين العرب قد فاز فيها ترامب عام 2016 بفارق عشرة آلاف صوت فقط، بينما فاز فيها بايدن بعد ذلك بأربعة أعوام بفارق لم يكن كبيرًا أيضًا، وقد كان أكثر بقليل من 100 ألف صوت.

هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة ستعتمد على ميشيجان وعلى شبيهاتها من الولايات التنافسية أو المتأرجحة كما يسميها بعضهم وهي أقل من عشرة ولايات.

وبينما يرجح أن يتأهل ترامب مرشحًا للحزب الجمهوري لمواجهة بايدن وحزبه الديمقراطي من جديد، فإن استطلاعات الرأي ليست في صالح بايدن.

ورغم أن الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين لا يشكلون سوى نسبة قليلة من مجموع الناخبين الأمريكيين إلا أن هذه النسبة قد تكون كافية في الولايات التنافسية لإسقاط بايدن.

وربما لن يتطلب ذلك أن يصوتوا لترامب الذي لم يصلح علاقته تمامًا بهم بعد، إلا أن امتناعهم عن التصويت بحد ذاته قد يؤدي إلى خسارة بايدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى