عشّاق الأرض

> اكتشف العالم أن ثَمّ شيئًا قد تغيّر، لم يعُد كما كان قبل 7 أكتوبر، هناك حركة مغايرة بعد سكون مكث طويلًا، وكتلة كبيرة من الغضب تفجّرت.

في معادلة الحدث الجَلَل وما تلاه،

قيل عن الصِعاب أنها كالكلب العقور إذا رآكَ خفتَ منهُ وجريتَ، نبحكَ وعدا وراءكَ، وإذا رآكَ تهزأُ به وتبرقُ لهُ عينكَ، أفسحَ لكَ الطريقَ وانكمش في جلدِه.

هذا الألَم الذي نحسُّ به في غزّة رَفَعَ إلى السماء الدُّعاء الحار، فقد انقدح قلب الأُمّة وعصبها في حضرة الحَدَث، فاهتزّت المشاعر وتحرّكت الأفئدة، إذْ هو نعمة الألَم أحيانًا ((وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم)).

هذا الغرب الذي يمد جيش الاحتلال بالمال والسلاح، ومثله تفعل أمريكا، يقول إن غزّة تنتصر، وإن إسرائيل ذهبت في ورطة كبيرة، وإن جيشها يتعثر.

كما والمؤشرات تقول إن العالم سيكون على موعد مع تحوّل كبير في السياسات والمواقف، ليس أقلّه البحث في قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 67 وعاصمتها القدس.

أما ما يهذي به قادة الكيان الغاصب عن احتلال غزّة وسلطة تحكمه تُصنع على عينه وتهجير سكان القطاع، فهو هاجس المرعوب الذي لم يفُق بعد من هول الصدمة، عندما مسحت به المقاومة الباسلة الأرض في 7أكتوبر.

كنا نسمع عن عشّاق الأرض والتراب، فما رأينا مثل شعب فلسطين يذوب شوقًا لداره ورَبعه، لم نرَ كفلّاح في أرض الخليل يغمس أصابعه في تراب حقله، فيمزج الغمس الأحَن بصبابة تطلُّ من كوّة روحة في نشيد الاشتياق والولَه اللذيذ.

لقد اتخذ الله من أهل غزّة شهداء، وكرامة الشهيد في الدنيا أنه يجد الجراح التي تُصيبه كقرصة النمل، ((وما كان لنفسٍ أن تموت الّا بإذن الله)).

حشدت غزّة ملايين الأحرار حول العالم يهتفون باسمها حتى كأنها قِبلة العالمين، رُفِعَت الرايات وعلا غصن الزيتون، واشتاق المسلمون لمدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، وملأت أعلام فلسطين كل الساحات والميادين، في تظاهرة عالمية أذهلت الكيان الغاصب، وليت أن زعماء القمّة وثبوا، ولكن حبسهم حُبُّ المال والسلطة وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر.

وكأني بلسان حال أهل غزّة يرددون في كبار القوم من الرؤساء والحكومات ما قاله أبو المظفر الأبيوردي:

تنكّرَ لي دهري ولم يدرِ أنني

أعِزُّ وأحداثُ الزمانِ تهونُ

فبات يُريني الدهرُ كيف اعتداؤهُ

وبِتُّ أُريهِ الصبرَ كيف يكونُ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى