تقارن بالحرب العالمية.. خبراء: وتيرة قتل إسرائيل للمدنيين في غزة هي الأعلى في القرن الحالي

> «الأيام» القدس العربي:

> تعاملت إسرائيل حتى الآن مع قتل المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة على أنه أمر مؤسف، لكنه أمر لا يمكن تجنبه في الحرب الحديثة، وأشارت إلى عدد القتلى الكبير في العمليات العسكرية للولايات المتحدة في العراق وسوريا. ولكن فحص مواجهات عسكرية سابقة ومقابلات مع خبراء في موضوع المتضررين من القتال وخبراء في السلاح، يظهر أن هجوم الجيش الإسرائيلي في القطاع أمر شاذ. ورغم أن لا أحد يمكنه الحصول على عدد دقيق للقتلى في ميدان القتال، فإن الخبراء يقولون إنه حتى نظرة محافظة للأعداد التي تعطيها السلطات في غزة في ظل سيطرة حماس، تشير إلى وتيرة قتل لها سوابق قليلة في القرن الحالي.

حسب أقوال هؤلاء الخبراء، فإن الناس يقتلون في غزة بوتيرة أعلى بكثير مما كان في الأوقات الأكثر قتلاً في هجمات التحالف بقيادة أمريكا في العراق وسوريا وأفغانستان، التي انتقدتها منظمات حقوق الإنسان.

المقارنة الدقيقة بين أعداد القتلى في حروب مختلفة غير ممكنة، ولكن خبراء في المعارك العسكرية أشاروا إلى أنهم متفاجئون من عدد القتلى الذي يُبلّغ عنه في غزة، ومن السرعة التي يقتلون فيها، ومن أن الكثير من هؤلاء القتلى هم من النساء والأطفال.

حجم هجوم إسرائيل كبير؛ لقد أعلن الجيش الإسرائيلي بأنه هاجم حتى 10 تشرين الثاني أكثر من 15 ألف هدف في القطاع، ولنوع السلاح الذي يستخدمه الجيش دور كبير. فاستخدام إسرائيل لعمليات قصف كبيرة جداً في مناطق مأهولة باكتظاظ، بما في ذلك استخدام قنابل وزنها طن تقريباً يمكنها هدم مبنى سكني، يعتبر أمراً استثنائياً، كما أشار بعض الخبراء. “هذا يفوق كل شيء شاهدته في حياتي المهنية”، قال مارك غيرلاسكو، المستشار العسكري في المنظمة الهولندية “باكس” ومحلل استخباري سابق في البنتاغون. حسب قوله: “من أجل العثور على مقارنة تاريخية بين الأحداث التي فرض فيها هذا القدر الكبير من القنابل الثقيلة على منطقة صغيرة جداً، ربما يجب العودة إلى حرب فيتنام أو الحرب العالمية الثانية”. وللمقارنة، تعتقد جهات رسمية في الجيش الأمريكي لمرات كثيرة أن القنبلة التي أسقطتها الولايات المتحدة من الجو، بوزن 225 كغم، كانت كبيرة جداً بالنسبة لمعظم الأهداف التي ألقيت عليها في فترة القتال ضد “داعش” في المناطق المأهولة مثل مدينة الموصل في العراق، والرقة في سوريا.

يشير الجيش الإسرائيلي إلى أن قطاع غزة منطقة قتال استثنائية مقارنة مع العالم؛ فهو صغير ومكتظ ويعيش فيه مدنيون إلى جانب وفوق مخربي حماس الذين يعتمدون على الأنفاق لحماية أنفسهم وسلاحهم. بسبب نشاطات حماس، يقف المدنيون على خط النار تماماً. وبسبب استخدام هذه الأنفاق تحت الأرض، التي ساعدت حماس في تنفيذ الهجوم الدموي في 7 تشرين الأول، فإن الجيش يقول إنه يستخدم الذخيرة الأصغر بغية تحقيق أهداف الحرب الاستراتيجية والتسبب “بأقل الأضرار بالمدنيين”.

ثمة صعوبة في إحصاء عدد المدنيين القتلى في مناطق القتال بشكل دقيق، وسلطة حماس في القطاع لا تميز بين عدد المدنيين وعدد المخربين القتلى. يتعامل الباحثون في الوضع الحالي مع 10 آلاف امرأة وطفل قيل بأنهم قتلوا في القطاع، كمعيار يمثل تقريباً، حتى لو بشكل متحفظ، عدد المدنيين الذين قتلوا في الحرب.

جهات دولية رسمية وخبراء يعرفون الطريقة التي تجمع فيها المعطيات من قبل الجهات الصحية في القطاع، قالت بشكل عام إنه يمكن الاعتماد عليها. يعترف الجيش الإسرائيلي بأن أطفالاً ونساء وشيوخاً قتلوا في القطاع، ولكنه يضيف بأنه لا يمكن الاعتماد على عدد القتلى الذي ينشر في القطاع، لأنه محكوم بيد حماس. لم ينشر الجيش أي تقدير خاص به عن عدد القتلى. ولكنه يقول إن المدنيين “ليسوا الهدف”. المقدم جونثان كونريكوس، وهو متحدث من قبل الجيش، قال: “نفعل الكثير كي نمنع قتل وإصابة المدنيين. نركز على حماس”.

على الرغم من ذلك، قال باحثون إن وتيرة القتل التي ينشر عنها في غزة في زمن القصف الإسرائيلي هي أعلى بصورة استثنائية في فترة زمنية هي أقل من شهرين. في القطاع تم الإبلاغ عن قتل نساء وأطفال، أكثر من العدد 7700، الذين قيل إنهم قتلوا على يد الولايات المتحدة وحلفائها خلال السنة الأولى من غزو العراق في 2003، هذا حسب مجموعة البحث البريطانية المستقلة “ايراك بدي كاونت”. إضافة إلى ذلك، فإن عدد النساء والأطفال الذي نشر بأنهم قتلوا في القطاع منذ بداية الحرب، بدأ يقترب من العدد 12.400 مدني، الذين قتلوا على يد الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان خلال الثلاثين سنة من الحرب، هذا حسب أقوال نتاع كروفورت، وهي مديرة مشاركة في مشروع “كوست أوف وور” التابع لجامعة براون.

هذه المقارنات تستند إلى آلاف حالات الوفاة المنسوبة بشكل مباشر لقوات التحالف الأمريكي في العراق وسوريا وأفغانستان. وحسب التقديرات، فإن مئات آلاف الأشخاص الآخرين قتلوا في هذه الحروب على يد جهات أخرى، مثل النظام السوري وحلفائه والمليشيات المحلية و”داعش” وقوات الأمن العراقية.

عدد القتلى الإجمالي في هذه الحروب أعلى بكثير من عدد القتلى في الحرب الحالية. ولكن عدد الأشخاص الذين قتلوا في غزة (في فترة قصيرة جداً) أعلى مما هو في أي مواجهة أخرى، قالت كروفورت المختصة في الحروب الحديثة. في الأشهر التسعة من القتال في مدينة الموصل العراقية، التي اعتبرتها جهات رسمية في إسرائيل نقطة للمقارنة، قتل حسب التقديرات 9 – 11 ألفاً من المدنيين على يد كل المشاركين في القتال، بما في ذلك آلاف الأشخاص الذين قتلوا على يد “داعش”. هذا حسب وكالة الأنباء “آي.بي”. في أقل من شهرين من القتال في غزة، نشر عن قتل عدد مشابه من النساء والأطفال في القطاع.

القنابل التي يلقيها الجيش الإسرائيلي على غزة أكبر من القنابل التي ألقتها الولايات المتحدة عندما كانت تحارب “داعش” في الموصل والرقة. وهي تناسب محاربة البنى التحتية تحت الأرض مثل الأنفاق، شرح بريان كاستنر، وهو باحث في السلاح في منظمة “أمنستي إنترناشونال”، وهو ضابط سابق في الجيش الأمريكي وكان المسؤول عن إزالة القذائف. “هم يستخدمون سلاحاً كثيراً بشكل خاص، في مناطق مأهولة باكتظاظ بشكل خاص”، قال. “هذا هو الدمج الأسوأ”.

 لوران لثيربي

هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى