رسالة “القسام”: سلمنا “المحتجزين” قريباً من مدرعات العدو في شمال غزة

> «الأيام» القدس العربي:

> النبضة الثالثة لصفقة تحرير المخطوفين مرت أمس بصورة أفضل من سابقاتها؛ فقد تم تسليم المخطوفين – 13 إسرائيلياً، بينهم أربع نساء وتسعة أولاد، وشاب إسرائيلي يحمل الجنسية الروسية وثلاثة مواطنين من تايلاند– في وقت مبكر مساء. حدث هذا بدون تأخير اللحظة الأخيرة أمام عدسات وسائل الإعلام، كما حدث في اليومين السابقين. أطلقت إسرائيل سراح، طبقاً للاتفاق، 39 سجيناً فلسطينياً، نساء وقاصرين ومسنين. وتم إطلاق سراح 39 إسرائيلياً من أسر حماس حتى الآن. وهذا لا يعني أن الأمور جرت على ما يرام من وراء الكواليس. في الصباح، غمر الاتصالات غير المباشرة توتر كبير بين إسرائيل وحماس، التي يشارك فيها كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر. كان لدى الطرف الإسرائيلي خوف واضح من أي تشويش في اللحظة الأخيرة. وحتى مكان نقل المخطوفين إلى البلاد كان أمراً مقروناً باتصالات حثيثة وقرارات تم اتخاذها تحت الضغط.

في المرات السابقة تم نقل المخطوفين من داخل قطاع غزة عن طريق معبر رفح إلى مصر، ومنه إلى إسرائيل. تبذل الحكومة المصرية وقوات الأمن المصرية قصارى جهودهم في الأسابيع الأخيرة، سواء لإرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع أو لضمان تقدم صفقة المخطوفين، التي تعدّ قطر الوسيط الأساسي فيها. ولكن الانتقال من جنوب القطاع إلى رفح ينطوي على سفر طويل نسبياً. وفي المرة الأولى تمت مهاجمة السيارات التي نقلت المخطوفين بالحجارة من قبل الفلسطينيين. النساء الإسرائيليات في القافلة قلن فيما بعد بأنهن خشين على حياتهن.

لذلك، تقرر في المرة الأخيرة نقلٌ أسرع بواسطة الصليب الأحمر إلى شمال القطاع الذي هو تحت سيطرة إسرائيل، ومن هناك السفر بشارع الشاطئ إلى الشمال نحو الأراضي الإسرائيلية. في المقابل، لم يكن بالإمكان تجاهل إسهام الطرف المصري في الصفقة، لذلك تم نقل المواطنين الثلاثة من تايلاند، والإسرائيلي – الروسي (الذي أعلنت حماس بأنها أطلقت سراحه بناء على طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) إلى معبر رفح.

لم تكن هذه هي الصعوبة الوحيدة خلال اليوم؛ ففي الاتصالات مع حماس تم التعبير أيضاً وبشكل متواز عن فوضى سائدة في القطاع بعد مرور 50 يوماً على الحرب، وعن السادية التي تميز سلوك حماس منذ الهجوم الإرهابي في 7 تشرين الأول. الفوضى والمس بقوة ذراع حماس العسكرية وقدرتها المدنية شمالي القطاع، كل ذلك يصعب سيطرة رئيس حماس، يحيى السنوار، على صورة الوضع الكاملة في القطاع.

السنوار في الحقيقة ينجح في فرض وقف إطلاق النار بشكل كامل على قواته، حتى في شمال القطاع، وإدارة صفقة المخطوفين. ولكنه يواجه صعوبة حقيقية في جمع كل المخطوفين الإسرائيليين الذين كانوا مشمولين في هذه المرحلة من الصفقة (ربما يتم شمل آخرين لاحقاً). في الوقت نفسه، من المرجح أنه يحصل على صورة جزئية عن التطورات، الأمر الذي يزيد تشككه في خطوات أخرى. حدث هذا السبت عندما أخّر تنفيذ النبضة الثانية لإعادة المخطوفين؛ لأنه اعتقد خطأ أن إسرائيل تمنع إدخال عدد الشاحنات المتفق عليه إلى شمال القطاع. نبعت عملية التأخير من صعوبة تواجهها “الأونروا” في تنفيذ العملية المعقدة في الموعد.

إضافة إلى ذلك، يتضح وجود محاولة لاستخدام الضغط النفسي على الجمهور الإسرائيلي، الذي يبدو أن الانفعال الذي يلفه في كل مرة يتم فيها تحرير مجموعة أخرى من المخطوفين، تدركه حماس جيداً، ويعتبر نقطة ضعف محتملة. وتواصل حماس الفصل بين أبناء العائلات الذين يعاد بعضهم، لا يزال البعض الآخر في القطاع، مع خرق التفاهمات الأصلية.

قبل إنجاز العملية كاملة، من الجدير التذكير (بالتأكيد لوسائل الإعلام الأجنبية التي انتقل جزء منها إلى الروتين اليومي) بأنه لا يوجد أمر منطقي أكثر من البداية من حقيقة أن حماس اختطفت أطفالاً وأولاداً ونساء ومسنين بشكل جماعي. وهي تحاول استخدامهم كبضاعة وورقة مساومة بعد أن قتلت أكثر من 1100 إسرائيلي من الأبرياء في بلدات الغلاف وفي الحفل. الصور التي نشرت والتي يظهر فيها إرهابي ملثم وهم يضع يده بلطف على امرأة عجوز أو على طفل إسرائيلي، لا يمكن أن تمحو الفظائع التي نفذتها حماس من قبل. ولولا الضغط الذي استخدم على حماس وحاجتها الكبيرة إلى استمرار وقف إطلاق النار لكان من المشكوك فيه أن نرى هذه الصفقة، التي سيتم فيها إطلاق سراح رُبع المخطوفين فقط.

يتوقع اليوم تنفيذ النبضة الرابعة والأخيرة من المرحلة الأولى للصفقة. مع ذلك، من المرجح استمرار وقف إطلاق النار لبضعة أيام أخرى على الأقل. لحماس مصلحة في التمديد، وقالت للقطريين إنها ستحاول العثور وتجميع المزيد من الإسرائيليين المشمولين في الفئة الأولى في الصفقة، التي تشمل 90 شخصاً، إضافة إلى الأجانب، هي تشمل نساء وأطفالاً ومخطوفين وضعهم صعب، خصوصاً المرضى وكبار السن. أمس، نشر أن حماس معنية بيومين – أربعة أيام من وقف إطلاق النار إلى جانب ما تم الاتفاق عليه كمرحلة أولية. هذا مشروط بتحرير المزيد من المخطوفين كما تعهدت حماس للوسطاء. لا يشعر الجيش، خلافاً لانطباع تولد من بعض التصريحات، بالدافعية لمواصلة العملية على الفور. أولاً، الاتفاق الذي توصلت له الحكومة يتحدث عن فترة زمنية تبلغ أسبوعاً على الأكثر قبل استئناف القتال، إذا كان بالإمكان إعادة مخطوفين آخرين خلالها. ثانياً، رغم أن التأخير مقرون بالأخطار (إعادة حماس لتنظيم نفسها والتزود وتغيير في الاستعداد العسكري)، فإن الجيش بحاجة أيضاً إلى إنعاش قواته وإعدادها للعملية القادمة. وللدقة، فإن رئيس الأركان يعلن يومياً أن توجهه هو نحو استئناف القتال.حماس تستغل فترة وقف إطلاق النار لاستعراض قوتها حتى في شمال القطاع. أمس، أوقف عدد من مسلحي حماس الشاحنات التي وصلت إلى المنطقة، من أجل فحصها. في المساء، وصل عشرات من المسلحين مع المخطوفين الإسرائيليين إلى مدينة غزة ونقلوهم للصليب الأحمر. هذه عروض مهمة لقيادة حماس لتظهر أنها لم تهزم بعد في شمال القطاع، وأن بإمكانها إرسال رجالها إلى هناك رغم وجود الجيش الإسرائيلي قريباً من المكان. مع ذلك، هذه ليست الصورة التي ستنقش في ذاكرة الإسرائيليين لهذا اليوم. فالأقوى هي صور أبناء عائلة افيغدوري، التي تم تصويرها السبت في ساعة متأخرة من الليل بعد عودة الأم وابنتها من الأسر.

ومما يثير الانطباع صور سكان “أوفكيم” [مستوطنة]، وهي المدينة التي قتل فيها نحو 50 شخصاً في مذبحة حماس، الذين خرجوا بجموعهم أمس إلى الشوارع لاستقبال القافلة التي نقلت المخطوفين من حدود القطاع إلى قاعدة سلاح الجو “حتسريم”. عشية الحرب، كان يبدو أن “أوفكيم”، وفي المقابل “كيبوتس كفار عزة” و”ناحل عوز”، التي جاء منها المحررون “بخطوط عامة”، موجودة على جانبي المتراس في النقاش السياسي الصاخب والمؤلم. بعد بطش حماس والانفعال الكبير الذي رافق قدوم المحررين، ظهر هذا الخلاف كنسخة باهتة من الماضي البعيد. أنزل السنوار كارثة على الإسرائيليين، لكن يبدو أنه لم ينجح في كسر معنوياتهم.

عاموس هرئيل
هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى