الاستقلال الوطني الذكرى وشيء من التاريخ

> بعد أيام قلائل تحل علينا هذه المناسبة الوطنية والتاريخية الغالية على قلوب كل أبناء شعبنا الجنوبي الحر، المكافح والمنافح أبدًا عن قيم الحرية والسيادة والاستقلال وحق الحياة الآمنة والعيش الكريم، مناسبة الذكرى "56" لتحقيق الاستقلال الوطني التام والناجز يوم 30 نوفمبر عام 1967م.

وحيث تأتي في ضل اشتداد رياح التآمر على شعب الجنوب وعدالة قضيته وحياته الاقتصادية والمعيشية والخدمية واستعادة الدولة وعلى نحو ما تناولناه في مقال بعنوان (مسودة تهميش وانتقاص وحدث لا حرج) تداولته مواقع التواصل ونشرته صحيفة "الأيام" حينها.

لقد مثلت ثورة 14 أكتوبر عام 63م المجيدة إرثًا وطنيًا لنضالات وتضحيات شعبنا الجنوبي الأبي، منذ أن وطأ المستعمر البريطاني أرض عدن الطاهرة يوم 19 يناير عام 1839م بعد مقاومة بطولية نادرة أبداها أبناء عدن الأحرار في قلعة صيرة التاريخية بصدور شبه عارية مرورًا بالاعتصامات والمظاهرات والاضطرابات الطلابية والعمالية والعصيان المدني في المدينة والكتابات الصحفية ضد المستعمر التي تصدرتها كتابات الأستاذ محمد علي باشراحيل رحمه الله عميد وناشر صحيفة "الأيام" ومؤسسها عام 1958م وكتابات الأستاذ عبدالله باذيب رحمه الله، وأبرزها مقالته الشهيرة «المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية» والصحيفة التي كان يديرها «صحيفة النهضة» تقريبًا. وغيرهما من زملاء المهنة الوطنية النبيلة وحملة الرأي متزامنًا ذلك مع الاعتصامات والمظاهرات والاحتجاجات والانتفاضات والتمردات الشعبية والقبلية في الأرياف، حيث أفضى كل ذلك إلى انطلاقة ثورة 14 أكتوبر عام 63م من جبال ردفان الأبية ومسيرة الكفاح المسلح «4 سنوات»، جيش التحرير التابع للجبهة القومية في الأرياف.

والقطاع الفدائي التابع للجبهة القومية في المدينة، وسقوط مدينة كريتر بيد القطاع الفدائي يوم 20 يونيو عام 67م ولمدة عشرين يومًا، إيذانًا بسقوط المناطق والمستعمرة عدن بيد جيش التحرير والقطاع الفدائي، ابتداء من أغسطس عام 68م وسقوط المؤامرة الخارجية «إشعال فتنة حربين أهليتين» بين إخوة ورفقاء السلاح، ومسيرة الكفاح التحرري والهدف الواحد وسيطرة الجبهة القومية على كل مناطق الجنوب والمدينة عدن الحبيبة. وإذ أرغم كل ذلك المستعمر البريطاني على الاعتراف بتسليم الجنوب استقلاله. توجه وفد الجبهة القومية -المفاوض في ظل وضع هكذا- برئاسة المناضل قحطان محمد الشعبي وعضوية كوكبة من المناضلين والسياسيين مسنودًا بهيئة -خبرة- مستشارين قانونيين وعسكريين وإداريين ورجالات حكم.

توجه الوفد إلى جنيف للمفاوضات مع الوفد البريطاني وكانت مفاوضات شاقة ومضنية، أظهر خلالها وفد الجبهة القومية حنكة سياسية وبراعة دبلوماسية وكفاءة ومقدرة عالية على التفاوض، أذهلت المفاوض البريطاني طالما كان يتوقع -مخطئًا- أنه سيقابل قرويين، وتم التوقيع على وثيقة الاستقلال، وعاد وفد الجبهة القومية إلى عدن مكللًا بالانتصار، حاملًا وثيقة الاستقلال ومن أمام مبنى حكومة الاتحاد المزيف بمدينة الاتحاد -مدينة الشعب لاحقًا-

قرأ الرئيس قحطان الشعبي وثيقة الاستقلال وتم إعلان قيام الكيان الوطني الجنوبي على كامل التراب من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، وتوحيد أكثر من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة والمستعمرة عدن في دولة «جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية» وعاصمتها الأبدية عدن الشامخة شموخ جبل شمسان الأشم، وانبلج فجر الحرية والسيادة والاستقلال وانطوى عهد الاستعمار المظلم الذي دام «129 عامًا» وبناء دولة وطنية جنوبية (مهابة)، دولة مؤسسات ونظام وقانون وأمن واستقرار وعدالة ومساواة اجتماعية، ومساواة المرأة بأخيها الرجل وحق الحياة الآمنة والعيش الكريم، وحقوق وحريات عامة وخاصة وقضاء عادل وحق الوظيفة العامة، والعمل لكل مواطن ومواطنة، وتطبيب، وتعليم مجاني من الروضة إلى الجامعة، وعلى نحو ما تحقق ودون الحاجة للتفاصيل بما هو كل ذلك مشهود له ومعلوم.

صار الكل يترحم ويتأسف عليه -الزمن الجميل- ومحل أحاديثهم العامة والخاصة (وما أشبه الليلة بالبارحة إن كانوا يتفكرون)، الرحمة والمغفرة والرضوان لكل شهداء الثورة والاستقلال وبناء الدولة، وفي كل المراحل والمنعطفات ومسيرة الحراك السلمي الجنوبي والمقاومة وحتى اليوم، ((مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا)) [صدق الله العظيم].

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى