محسن النقيب.. كالطيف الجميل مر في حياتنا

> لا أظن واحدًا آخر كالراحل الكبير محسن علي النقيب، ترك في نفوسنا ذاك الانطباع الجميل و الأثر الحسن، وهو يجوب منتديات الأدب والثقافة في لحج وعدن وأبين، و دون كلل؛ لينسج في كل مطرح من مطارحها حضوره الشفاف ومروره الكريم.

ما همه حقيقة المنصب السياسي و الإداري على كبره لكنه كان كطائر الفلامنجو يرفرف بجناحين على ربوع الإبداع حاضنًا، ومحتضنًا، مشاركًا، وداعمًا، دون أن يتكلف ودون أن يطلب ودون أن يسيس، رغم موقعه المرموق في حزب المؤتمر الشعبي.

و دون أن نتكلف عناء البحث في طيات محسن و جذوره تنساق الإجابة تلقائية، وكالعنوان البارز أن هذا الرجل مخاض صنعة إبداعية من دواخل البيت الكبير، بيت النقيب المتسع والمتنوع، فما بالنا وناشئة الأدب تتخلق في نفس محسن تحت وارفة الظل الكبير الأديب فضل علي النقيب.

وحيث يكون فضل يكون هناك عمر الجاوي حامل شعلة الإبداع، وهنا لابد أن يقتبس محسن جذوة من هذه الشعلة، جراء اللقاءات اليومية في ظرف السبعينيات الصعب، حيث لا تخلو الحياة رغم الصعوبة من مثقافات و قدح شرارات الفكر، و جعل الثقافة نصيرًا للإنسان في وجه الطغيان.

عندما حاولت و طأ جذوة العمل الثقافي بتأسيس منتدى الوهط، بعد العودة من موسكو نهاية القرن الماضي.

وجدت أن هذا الرجل يدخل القلب والعقل دون استئذان، وأنه حاضر بطغيان في وضع مداميك المنتدى معنا، و يدًا بيد، وجاذبًا إلينا من يقدرون هذا العمل ويدعمونه فوق ما كان يقدمه هو.

وإن أنسى لا أنسى مشاركته معنا، حين عنّ لنا استضافة الأستاذ ومربي الأجيال المصري عزت مصطفى منصور، بعد خمسين عامًا من مغادرته الوهط ومدرستها الجعفرية، وكان يومها نائبًا للمحافظ، أو وكيلًا للمحافظة، فكان الحاضر في تفاصيل مشهد الاستقبال، وقد خرجت الوهط عن بكرة أبيها في ذلك اليوم، ما أقلق دوائر الاستخبارات التي علمت إن هؤلاء الذين خرجوا لاستقبال المصري الكبير، لن يخرج حتى الربع منهم وبالإغراء والترهيب إذا جاء الرئيس حينها الوهط.

وعندما صعدنا المنصة مع الضيف لمخاطبة المواطنين، دفعني للكلام قبله، ثم لم يتورع من الإسهاب في ذكر مصر وعبدالناصر ودورهما في الوجدان الجمعي للأمة العربية ما بين الماء والماء.

عندما تسنم الأستاذ محسن علي النقيب مقاليد السلطة المحلية في محافظة لحج، قلنا لابد وأن يتغير الرجل تحت ثقل المسؤولية باتجاه تقليص حضوره الثقافي ومتطلباته، رضوخًا لمتطلبات المسؤولية ودون أن تكون هناك لائمة في صدورنا من ذلك، لكنه استمر بوتيرة محسن النقيب ذاتها، صديقًا للكل وراعيًا للإبداع ومشاركًا في خلقه.

رحم الله النقيب الكبير محسن علي ناجي، وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى