صاندي تايمز: إخراج حماس من المعادلة يعني تنافسا فصائليا ومستنقعا إسرائيليا

> «الأيام» القدس العربي:

> نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعده الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هيو لوفات تساءل فيه عن الجماعات التي يمكن أن تحل محل حركة حماس في غزة، في حالة دمرتها إسرائيل.

وبعد سبعة أيام من وقف إطلاق النار، استأنفت إسرائيل حملتها العسكرية لمحو حركة حماس، وستكون معركة طويلة ودموية في ظل ترسخ الحركة في داخل القطاع والدعم الذي تحظى به من جماعات أخرى ومسلحة جيدا، وكانت إلى جانبها في أثناء الهجوم على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وفي الوقت الذي تتغاير فيه أيديولوجياتها وأساليبها إلا أن هذه الجماعات هي جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية وما سيحدث لغزة وستظل ملمحا لا يمكن تجاهله بالمشهد السياسي في الضفة الغربية وأبعد منها.

وفي غياب الرؤية الواضحة بشأن ما سيحدث بعد النزاع في غزة، وبالتحديد خطة لملء الفراغ الذي سيحدث حالة تدمير حماس، فإن الحملة البرية الإسرائيلية ستواجه صعوبات في كيفية الإدارة وديناميات الأمن التي ستظهر وسط تنافس الجماعات المسلحة للسيطرة على السلطة.

وفي الوقت الذي ساوت فيه إسرائيل حماس بتنظيم الدولة الإسلامية من أجل تعبئة الغرب والحصول على دعم، فالحركتان مختلفتان، حيث تتبنى حماس شكلا من الإسلامية المتجذرة في القومية الفلسطينية. ونشأت من داخل جماعة الإخوان المسلمين في الثمانينات من القرن الماضي، ونمت جذورها داخل المجتمع الغزي وعلى مدى عدة عقود، وقامت على الكفاح المستمر من أجل الحقوق الفلسطينية وقدرتها على توفير الخدمات المحلية والإدارة والتي أدت إلى إنشاء خدمة مدنية توفر المساعدات لأكثر من 40.000 غزي. ومع تصاعد الدعم الفلسطيني للمقاومة المسلحة ضد إسرائيل وعلى مدى العامين الماضيين، فقد ساعد هذا على تعزيز موقفها المحلي.

وقبل هجمات 7 تشرين الثاني/أكتوبر، أظهرت نتائج دراسة مسحية أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن دعم حماس يصل إلى 34% بشكل متساو مع حركة فتح التي تدير الضفة الغربية، ولكن الشعبية زادت، وفي الضفة الغربية تحديدا، حيث برز علمها الأخضر بشكل واضح. ويتناقض هذا الدعم الواضح للحركة مع النظرة والمفاهيم عن السلطة الوطنية التي تتهم ببيع القضية الفلسطينية لإسرائيل.

وزادت قوة حماس، وهذا نابع من زواج المصلحة مع إيران التي قدمت لها السلاح والمال لقتال إسرائيل. وتقدر الأخيرة عدد مقاتلي الجناح العسكري “كتائب عز الدين القسام” بحوالي 25.000 مقاتل، وبحسب إسرائيل فقد قتل منهم 5.000 مقاتل مع أن معظم قادتها البارزين لم يصابوا. وتأتي حركة الجهاد الإسلامي في المرتبة الثانية من ناحية القوة، فمنذ ظهورها أول مرة عام 1981 بمدينة رفح، فقد كرست المجموعة نفسها لقتال إسرائيل وبنت قدراتها العسكرية الخاصة بها، بما في ذلك ترسانة من الصواريخ الموجهة ضد البلدات الإسرائيلية، وهي نفسها خرجت من داخل حركة الإخوان المسلمين وشبكاتها في فلسطين، ولكنها أكثر تشددا من حماس وتأثرت بشكل كبير بالثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

وأصبحت الحركة أكثر قربا من إيران في ظل قيادة زياد النخالة، الذي يعتقد أنه يعيش تحت حماية حزب الله في لبنان. وخلال العامين الماضيين، وسع التنظيم نفسه داخل الضفة الغربية، وبدعم من إيران حسبما تقول إسرائيل، تحديدا في مخيم جنين. لكن الحركات المسلحة في غزة ليست كلها إسلامية، فلدى كتائب شهداء الأقصى حضور بارز، وهي الذراع العسكري لحركة فتح، أكبر حزب سياسي في منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الدولي والتي لا تضم حماس. وظهرت الكتائب كشبكة غير مركزية أثناء الانتفاضة الثانية ما بين 2000- 2005. ورغم الخلافات السياسية إلا أن الكتائب تقاتل إلى جانب حماس والجهاد في غزة والضفة الغربية.

 وظلت علاقة كتائب شهداء الأقصى مع قيادة فتح والسلطة الوطنية غامضة نوعا ما. ورغم أنها انتفعت من علاقاتها مع مسؤولين بارزين في فتح إلا أنها ليست تحت قيادة زعيم فتح، محمود عباس، رئيس السلطة الذي لا يزال متمسكا بخيار المفاوضات مع إسرائيل.

وظهرت جماعة ذات ميول إسلامية داخل حركة فتح وهي “لجان المقاومة الشعبية”، وربما كانت ثالث القوى المسلحة داخل غزة ولديها تحالف قوي مع حماس والجهاد الإسلامي. ومع أنها تؤمن بالقتال ضد إسرائيل ويعتقد أنها تحصل على دعم إيران إلا أنها تتبنى حل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية. وهناك جماعات يسارية من منظمة التحرير، تقاتل في غزة، وتضم هذه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكلاهما حركتان ذات توجه ماركسي أنشئتا في الستينات من القرن الماضي، واشتهرت الجبهة الشعبية في الفترة ما بين 1968 -1972 من خلال عمليات اختطاف الطائرات. وفي 2001 اغتالت وزيرا إسرائيليا وهو رحفام زئيفي.

وتعمل الجبهة الشعبية في غزة من خلال جناحها العسكري “كتائب أبو علي مصطفى”. أما الجبهة الديمقراطية فلديها سجل في قتال إسرائيل إلى جانب حماس، مع أنها أول حركة فلسطينية تتبنى حل الدولتين في السبعينات من القرن الماضي.

 ويجب التمييز بين هذه الحركات الوطنية الفلسطينية والحركات الجهادية السلفية التي تريد على غرار تنظيم الدولة إنشاء خلافة إسلامية في الشرق الأوسط. وهناك جماعات سلفية صغيرة في غزة وأنشأ بعضها أعضاء سابقون في حركة حماس شعروا بخيبة من الطريقة التي لطفت فيها حماس مواقفها من إسرائيل.

 إلى جانب هذه الفصائل، هناك حركات مسلحة أنشأتها قبائل، قاتل أبناء لها مع القاعدة ضد القوات الأمريكية في العراق، وتدعو إلى إنشاء إمارة إسلامية في غزة. ووقعت تحت تأثير فرع تنظيم الدولة – بيت المقدس، وهي جزء من ولاية الدولة الإسلامية في سيناء، مصر. وليس لدى هذه الجماعات إلا سجل صغير في مهاجمة إسرائيل، بما في ذلك عملية ضد نقطة حدود إسرائيلية في 2009. لكنها تهاجم أكثر حماس المتهمة بعدم تطبيق الشريعة.

ونظرا لهيمنة حماس وقوتها، فقد عملت على احتواء هذه الحركات ومنع خطرها، وكذا مراقبة عدة اتفاقيات وقف إطلاق النار خلال العقد الماضي ومنع بقية الفصائل من خرقها. وباتت تنظر إلى هذا كمصيدة، حاولت دفع الحركة للتعاون مع إسرائيل وبالإنابة عنها، ومن جهة أخرى، أظهرت قدرة على أنها قادرة على التفاوض والالتزام بالاتفاقيات مع إسرائيل وفرض الشروط على الجماعات الأخرى. وكانت هذه الدينامية واضحة في عملية وقف إطلاق النار المؤقتة، حيث تعقد بسبب “احتجاز جماعات مثل لجان المقاومة الشعبية والجهاد الإسلامي لرهائن، لكن حماس كانت قادرة على فرض الشروط والإفراج عن عدد من الرهائن لدى الجهاد الإسلامي”.

ويرى الكاتب أن إخراج حماس من المعادلة، كما ترغب إسرائيل، ربما كان ردة فعل على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكن النتيجة ستدخل غزة في فوضى مستمرة، وفي ضوء عدم توفر أي خطة قابلة للحياة لما بعد الحرب والدور الذي لعبته حماس في الحكم والأمن داخل القطاع. وبدون حماس لإقناع المسلحين وقيادتهم نحو اتفاقية وقف إطلاق النار، فستجد إسرائيل نفسها موحلة في حرب طويلة بدون استراتيجية خروج واضحة. وسيعقد تمرد متشرذم الجهود الدولية لبدء مسار سياسي وتحقيق استقرار في القطاع وعودة للسلطة الوطنية. وكما حدث مع نظام البعث لصدام حسين في العراق، قامت جماعات أخرى ومتشددة أكثر باستغلال الفراغ الأمني لتقوية مواقعها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى