> «الأيام» غرفة الأخبار:
أمام السعودية خيارين جيدين بالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة، فإما صفقة كبرى للتطبيع مع إسرائيل تُدخل المملكة في نظام التحالف الأمريكي أو تتبع مسار دولة متأرجحة صاعدة دون ضمانات أمنية أمريكية كنسخة من النموذج التركي مع إدخال تحسينات.
تلك القراءة طرحها كليف كوبشان في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء زيارته للسعودية لمدة خمسة أيام الأسبوع الماضي لاستكشاف السياسة السعودية تجاه الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والنهج السعودي للتوصل إلى صفقة كبرى مع الولايات المتحدة.
ومقابل التطبيع مع إسرائيل، ترغب السعودية في توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة والحصول على أسلحة أكثر تطورًا وتشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، بالإضافة إلى التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.
كوبشان تابع: "التقيت (في السعودية) بمسؤولين حكوميين وقادة مؤسسات بحثية وأعضاء من القطاع الخاص، وكان التعاطف والدعم للشعب الفلسطيني قويين ومنتشرين في كل مكان، لكنني سمعت أيضا دعما واسع النطاق للصفقة الكبرى مع واشنطن، والتي من شأنها أن توفر للرياض الحماية".
وأردف: "أدرك المحاورون السعوديون أن توقيت الصفقة تعرض لانتكاسة كبيرة بسبب الحرب في غزة، وإذا تمت الصفقة فستكون خلال ولاية (الرئيس الأمريكي جو) بايدن الثانية (بعد انتخابات نوفمبر 2024) أو رئاسة (دونالد) ترامب، وسمعت أيضا أن المحادثات مع الولايات المتحدة مستمرة، ولكن بوتيرة أبطأ بكثير".
- خياران جيدان
"القيادة السعودية أمام خيارين جيدين، فإما أن تستمر في السياسة الحالية وتحاول الدخول في نظام التحالف الأمريكي أو أن تتبع مسارا كدولة متأرجحة صاعدة دون التزام أمني من الولايات المتحدة"، كما أضاف كوبشان.
وتابع: "قدمت هذه الرؤية إلى منتديات خاصة عديدة أثناء وجودي في الرياض، وتم الترحيب بها باهتمام كبير، وفي حالات قليلة، قيل لي إن هذه الخيارات تتم مناقشتها بهدوء وبشكل غير رسمي.. لكن اختلف آخرون، معتبرين أن نظام الأمن الأمريكي أفضل بكثير".
واستطرد: "فهي تستفيد في عصر تراجع العولمة من وضعها كقوى إقليمية، ويمكنها تعزيز مصالحها من خلال تأليب الولايات المتحدة والصين ضد بعضهما البعض، ومن هنا يتم تصنيفها كدول متأرجحة".
كوبشان اعتبر أن "الميزة الواضحة للسعي وراء صفقة كبرى هي أنها توفر إمكانية الحماية الأمريكية، إذ تواجه السعودية تهديدا مستمرا من إيران ووكيلها (جماعة) الحوثي (في اليمن المجاور للمملكة)، والمخاطر الأمنية العامة الكامنة في منطقة خطيرة".
- النموذج التركي
في الواقع، بحسب كوبشان، "تسعى الرياض إلى الحصول على نسخة من النموذج التركي للعلاقات الأمنية مع واشنطن، والتي تجمع بين مكانة الدولة المتأرجحة الصاعدة والضمانات الأمريكية الرسمية".
وبيَّن أن "أنقرة تحاول توسيع نموذج الانحياز الأمريكي للحصول على مزيد من استقلال في السياسة الخارجية، وقد تكون نسخة من هذا النموذج هي الخيار الأفضل للمملكة، على الرغم من أن لها عيوب".
و"باعتبارها عضوا قديما في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، سعت تركيا إلى تقليص اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة وتأمين وضع دفاعي أكثر استقلالية على مدى العقد الماضي"، كما أضاف كوبشان.
ولفت إلى أنه "بناء على ذلك، اشترت أنقرة (منظومة الدفاع الجوي) إس-400 من روسيا وهاجمت شركاء الولايات المتحدة في سوريا، وهي تحركات أثارت توترات مع واشنطن، ففرضت عقوبات على كيانات تركية وأدت إلى تآكل رأس المال السياسي لأنقرة في واشنطن".
وشدد شوبكان على أن "هذه الديناميكيات تسلط الضوء على مخاطر النموذج التركي: فقد يأتي بنتائج عكسية إذا اعتبرت واشنطن أنه يقلل من مصداقية الضمانات الأمريكية".