المراقب السياسي: اتفاق السعودية والحوثيين سيشعل الحرب ولن ينهيها

> كتب/ المراقب السياسي:

> السعوديون هدفهم الخروج بدون خسائر إعادة الإعمار
> لا مصلحة للجنوب بقبول الاتفاق السعودي - الحوثي
> الجنوبيون الموقعون على الاتفاق سيخسرون كل شيء

> اتفاق المملكة العربية السعودية مع الحوثيين تم التوصل إليه بين طرفي الحرب الرئيسيان، وهما المملكة والحوثيون برعاية سلطنة عمان، تم بدون أي تدخل أو تواصل أو مشاورة مع الحكومة اليمنية الشرعية أو مع الأطراف الفاعلة على الأرض في اليمن بل أن الأطراف اليمنية لم تكن على علم أو معرفة بتفاصيل هذا الاتفاق حتى تم بين المملكة والحوثيين وسلمت لهم نسخة من باب العلم بالشيء ليس إلا.

هذا الاتفاق بين طرفي الحرب ينفي بالتبعية التوصيف الخطير الذي أعلنه المبعوث الأممي هانس جروندبرج يوم 23 ديسمبر الجاري بأن المملكة "وسيط" وهو هدف ذلك الإعلان ليس إلا.

الاتفاق الذي وصفه عدة ساسة يمنيين بالكارثي لا فرق بينه وبين الاتفاقات الفاشلة السابقة فهو سطحي ولا يدخل في أي تفاصيل ولا توجد فيه أي آليات تنفيذية أو عقوبات عن عرقلة التنفيذ.

المثير في الاتفاق أنه يرسخ نفس صيغ الاتفاقات السابقة من ناحية نقاط الضعف لكن خطورته تتمثل في كونه سيسلم البلاد للحوثيين على طبق من ذهب.

عندما تم توقيع اتفاق ستوكهولم الفاشل تم التوقيع عليه بضغط من السعودية على الشرعية وبضغط إيراني على الحوثيين والنتيجة كانت خروج الشرعية من الحديدة بعد أن كانت قواتها على مشارف الميناء وكانت تسيطر على طريق الـ"كيلو 16".. واستغلال الحوثيين الحماية التي حصلوا عليها بموجب اتفاق ستوكهولم للبقاء في الحديدة بدون أي تدخل عسكري أجنبي ولتوجيه قواتهم نحو مهاجمة الضالع ومأرب حيث احتدمت معارك كادت أن تؤدي إلى سقوط مأرب.

ما الذي سيمنع الحوثيين من مهاجمة الجنوب بعد التوقيع على الاتفاق ومنع طيران التحالف من التدخل في المعارك الداخلية في اليمن؟ وبغياب أي ضمانات من الأمم المتحدة أيضا.

اليوم تسعى المملكة للخروج من الحرب بأي ثمن معتقدة أن الاتفاق سيمنحها الأمان من هجمات صواريخ ومسيرات الحوثيين، أو هكذا تتوهم، وعليها التوجس من الحوثيين الذين لهم سجل حافل في نقض الاتفاقات فهم يوافقون ويوقعون ثم لا ينفذون لهذا تجدهم يصرحون بضرورة دفع التعويضات المادية للضحايا قبل التوقيع وهنا مربط الفرس.
يعلم الحوثيون أكثر من غيرهم أن نظام الحكم الذي أقاموه غير قابل للحياة والاستمرار فهم يعتمدون على الجبايات ونهب الممتلكات لتمويل كل شيء حتى فساد القادة بينما يبرعون في تبرير أعمالهم للعالم فعلى سبيل المثال يدعون أن قيمة الريال مقابل الدولار في مناطقهم هي 540 ريالا بينما الحقيقة أنه قد تجاوز حد 1380 ريالا لكل دولار وهناك منع تام من شراء الدولار والعملات الأجنبية للموطنين حتى بسعر السوق السوداء.. أما انتهاكات حقوق الإنسان فهي الأبشع في تاريخ اليمن قاطبة ولا تظهر الدول الغربية أي اعتراض على تلك الانتهاكات بينما لو قام جندي بلطم مواطن في أحد شوارع عدن لقامت الدنيا ولم تقعد.

وتعرف كل الدول الغربية ذلك لكنهم يظهرون تصديقهم لادعاءات الحوثيين بخلاف ما يعرفوه ويظهر ذلك جليًّا في أحاديث سفراء دول الاتحاد الأوروبي الذين يظهرون للإعلام مسحورون بثقافة وتاريخ شمال اليمن حد الانحياز الأعمى للحوثيين بينما يظهر الأمريكيون ودهم للحوثيين، لسببين متناقضين، خوفًا من انهيار عملية السلام أو توقف الحرب التي تدر مليارات الدولارات عليهم.

لكل طرف مصالح في الحرب والسلم لكن مصالح اليمنيين تم تجاهلها تمامًا في اتفاق السلام فما سيفعله الاتفاق هو إخراج الأطراف الإقليمية من الحرب ودفع البلاد نحو حرب أهلية جديدة بطرق مختلفة وبدون أي حماية أو ضمانات للأطراف التي ساندت التحالف أو نجحت في طرد الحوثيين من مناطقها وهو جزاء يستحقونه مقابل انصياعهم الأعمى للتحالف العربي.

الحوثيون يعلمون تمامًا ماذا يريدون من الاتفاق وهو كمية أموال طائلة تكفي لتأسيس نظام مصالح مالية يكونون هم مركزه، نظام يفرض سيادتهم محليًا بنفس طريقة الرئيس السابق علي عبد الله صالح فبدون مثل هذا النظام سينقلب الجميع عليهم في غضون سنوات قليلة، سيكون الاتفاق خط حياة للحوثيين الذين يعون تمامًا أنهم على وشك الانهيار.

في الجنوب هناك مشكلة مركبة صنعها القادة الجنوبيين بأيديهم.. منذ العام 2017م والحديث هو عن انفصال الجنوب ليس إلا وهم يدركون أن العالم لن يوافق على الانفصال والجنوب ليس لديه أي هياكل دولة قائمة فالانفصال سيخلق فوضى عارمة مثلما حدث في جنوب السودان، وكان قادة المجلس الانتقالي على علم بذلك منذ العام 2017 و دعتهم عدة دول إلى وضع رؤية واضحة للمستقبل وخارطة طريق لكيفية تحقيق ذلك لكنهم لم ينصتوا إلى ذلك والأدهى أنهم لم يفهموا المقصود.

اليوم الجنوب غارق في فساد بعض القادة الجنوبيين سواء المدنيين أو العسكريين وليس بالإمكان إعادة هيكلة القوات الجنوبية خوفًا من اشتعال حرب أهلية أي أن هؤلاء القادة الفاسدين لا يمكن تغييرهم في الوقت الحالي وتعاونت أطراف إقليمية ومحلية شمالية على دفع هؤلاء الجنوبيين إلى الفساد وتخريب هياكل الجنوب المتبقية منذ العام 2017م للتحوط ضد أي تحرك لانفصال الجنوب وعلى ما يبدو أنهم نجحوا في ذلك.

هناك حالة غليان شعبي جنوبي توشك على الانفجار فالفقر والانهيار الحاصل في كل مناحي الحياة أصبح لا يطاق والتوقيع على اتفاق السلام يعني شهادة وفاة لأي سياسي أو قائد جنوبي يفكر في التوقيع أو حتى يدعم التوقيع على اتفاق السلام علانية.

على الجنوبيين التذكر دائمًا أنه لا يمكن تجاهل المملكة العربية السعودية فهي أكبر جيرانهم لكن عليهم بشكل أكبر التفكير بمصالحهم أولًا فاليوم يتم نهب البلاد بأكثر من طريقة وكل الثروات يتم غرفها لمصلحة جيوب بعض أولئك الفاسدين داخل وخارج اليمن.

هناك حاجة ماسة لإعادة التفكير فيما يجري واتخاذ مواقف قد تغضب السعودية على المدى القصير لكنها في مصلحة الشعب وأولها قرار بعودة السياسيين بشكل دائم للداخل وإجبار كل تلك السفارات على التوجه إلى عدن مقر الحكومة الشرعية إذا أرادت الاستمرار في التعامل مع الشرعية أو سحب الاعتراف منها إذا رفضت.

ولا يمكن تحقيق أي شيء طالما والجميع ساكنون في الرياض أو أبوظبي.. لقد أصبحت العودة للداخل محورية لبناء الدولة فلا يمكن بنائها بالريموت من عاصمة أخرى ومثلما يقول المثل الشعبي "عز الخيول صبولها ولو قل الحسيك".

على الجنوبيين اليوم العمل على تنشيط عدن فهي المفتاح الاقتصادي للجنوب ففي عهد علي عبد الله صالح كانت إيرادات عدن تدفع رواتب جميع موظفي الجمهورية جنوبًا وشمالًا وتفيض.. أما اليوم فتم تحطيم كل المؤسسات الإيرادية مثل المصافي وميناء عدن تحت سمع وبصر الجميع، ويعتقد البعض موافقة السعودية والأطراف الدولية لإضعاف الحكومة والمواطنين للقبول بهذا الاتفاق المسخ الذي لن يأتي بسلام بل سيشعل حربًا جديدة تقضي على ما تبقى.

أما جميع الجنوبيين في مجلس الرئاسة فعلى عاتقهم مسؤولية رفض التوقيع على هذا الاتفاق مالم فسيقتلعهم الجنوبيون... فالتوقيع علي هذا الاتفاق بصيغته الحالية هو إعلان نهاية مشروع الجنوب.. وبيع رخيص لكل الجنوبيين.

للاتفاق السعودي - الحوثي نقطة إيجابية واحدة وهي أنه سيفشل في وقف الحرب وسيدفع الجنوبيين نحو توحيد كل قواهم لمقاومة المد القادم فالجنوبيون حسموا أمرهم منذ العام 2015م وكانت السعودية العقبة الرئيسية أمام إقامة الدولة الجنوبية التي يسعى لها كل الجنوبيين.

على اللواء عيدروس الزبيدي وزملائه في المجلس الانتقالي وزعماء الحراك الجنوبي بكل أطيافهم اليوم مهمة تنظيف الجنوب وتوحيد كافة القوى للدخول في اتفاقات واسعة لتشكيل جبهة وطنية جامعة قبل فوات الأوان.. فالحرب قادمة لا محالة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى