​السير على طريق الألف ميل!!

>
​اجتماع مجلس العموم الجنوبي للمجلس الانتقالي الجنوبي اليوم، حدث تاريخي يعزز أسس الديمقراطية والشراكة الوطنية فقد‏‎‎تمثلت إلى حد ما كل مناطق الجنوب فيه على معيار المساحة والسكان، في دلالة إيجابية على انتشار وسعة الانتقالي أفقيًا، لكن هذا المعيار يجب أن يرتقي بقيادة المجلس، وبناء المؤسسات وتكوين الإدارات واللجان وقيادتها، فهي هيكل نجاح المشروع الجنوبي للاستقلال، والمدخل لبناء الدولة بل عقدة المنشار فيها، فالسعة النوعية وآلياتها هي من تخلق وستخلق توازنًا في قيادة وهياكل المؤسسات والإدارات لتهيئة أركان الدولة بتوازن أدواتها، وهي بوتقة صهر المشروع الوطني وانعتاقه ونقله من انقسامية تاريخية إلى وطنية مستقبلية.

لا أخشى على الانتقالي إلا من سوء اختياراته لكوادره التنفيذية، التي تباشر التحديات، إما لافتقارها للحوكمة، فلا تستطيع إلا تقديم  معالجات شحيحة أو أن تتم الاختيارات تحت تأثير مطبخ استشاري غير متمكن في استيعاب مفردات الواقع الجنوبي. فالشراكة الجنوبية وقيادة مؤسساتها وإداراتها ليست ملء فراغات فقط، بل في اختيار توازنات قيادية!!

الأصل في الوعي الجنوبي انقسامية شكّلت الوعي التأسيسي فيه، ولذا يستغلها الأعداء بمهارة ضد الجنوب، فلا يوجد سياق طائفي متسامح أو متعصب شكل وعيهم كالحالة في الشمال، ولن يـ"موطن" انقسامية الجنوب إلا التوازن في المؤسسات والإدارات المدنية والأمنية والعسكرية والسياسية. الخ. فالهوية الجنوبية هوية ذات خلفية انقسامية تاريخيًا، تنبعث قوية وتتماسك وحدتها وتتحدى وتقاتل حين تتعرض لاحتلال، وهذا اتضح للجميع في تجربتها مع الاحتلالين البريطاني واليمني.

لكن كيف يمكن صهرها وتماسكها بعد مواجهة المحتل؟
أحد أهم مجالات صهرها والحفاظ على تماسكها تكون في بوتقة التوازن في المؤسسات والإدارات، ففيها إما أن تتماسك وتتحد، أو تتشتت وتختلف، وأعتقد أن عدم توازن المؤسسة الجنوبية كان الضربة القاتلة التي أدت إلى أحداث 1986.

طبعًا لا يوجد عمل كامل إلا ما هو وحي من السماء، لكن التمسك بالأمل مع عدم الأخذ بموجباته هو ترضية نفسية لعجز الذات، وانهيار الانتقالي كما يراهن الأعداء كارثة ستعصف بالجنوب لعقود قادمة، فانتشاره لم يكن سهلًا على الأعداء، ومحاربة انتشاره كانت عصب إجماع الخلاف الشمالي حوثي/ إخواني/ عفاشي، بل زيدي/ شافعي، بل صوفي / وسلفي، لذا فإنه من سوء حظ الرئيس "الزبيدي" أو من عظمته أنه تصدى لمرحلة تتعايش فيها حالتان أو تجربتان: حالة أو تجربة هوية استفزها محتل ووحدها، وحالة أو تجربة بناء مؤسسات وإدارات، لابد من توازن الانقسامية فيها، فيحتاج فيها لمطبخ استشاري مهني يساعده في تحقيق التوازن، خصوصًا ونحن في مرحلة حرجة توجب الحفاظ عليه، لكي لا تتحول القرارات أو التعيينات إلى مناكفات يستغلها أكثر من طرف، ثم تتكاثف فتكون الضربة القاتلة لمشروع الجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى