دراسة تحليلية توثق التحيز المفضوح للبرامج الحوارية التلفزيونية الأمريكية لإسرائيل

> «الأيام» القدس العربي:

> وثقت دراسة تحليلية أجراها أكاديمي أمريكي متخصص في دراسات الإعلام مدى انحياز صانعي الأخبار والنخبة في أمريكا وانفصالها عن الواقع عندما يتعلق بإسرائيل، ومدى شيوع التحيز “غير المفاجئ” في البرامج الحوارية الرئيسية في القنوات الأمريكية نحو دولة الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما منذ هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما تبعه من حرب إسرائيلية مدمرة ـ وبدعم أمريكي ـ على القطاع.

الدراسة أجراها ويليام لافي يومانز، وهو أستاذ مشارك في كلية الإعلام والشؤون العامة بجامعة جورج واشنطن، ومدير معهد الدبلوماسية العامة والاتصالات العالمية، ومؤلف كتاب “جمهور غير محتمل: صراع الجزيرة في أمريكا” (جامعة أكسفورد)، ونشرها على موقع “ريسبونسبل ستيت كرافت”، التابع لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول في واشنطن.

واستعرضت الدراسة التحليلية المحتوى الذي قدمته أهم منصات التحليل السياسي على شاشة التلفزيون في الولايات المتحدة، وهي البرامج الحوارية الإخبارية التي تبث صباح كل أحد على الشبكات الرئيسية، NBC، وCBS، وABC، وFox.

مثلما أشار الباحث فالسمة الأساسية لشكل البرامج الحوارية هي المقابلات مع الضيوف، الذين يشملون صانعي الأخبار والأفراد البارزين والمسؤولين الحاليين والسابقين، تليها موائد مستديرة إخبارية أو حلقات نقاش تضم مسؤولين وصحافيين وخبراء.

وأسماء البرامج مألوفة لدى الأمريكيين في منتصف العمر وكبار السن، مثل: Meet the Press (NBC)، وFace the Nation (CBS)، وThis Week (ABC)، وFox News Sunday (FOX).

ولم تعد هذه البرامج مهيمنة كما كانت من قبل، لكنها لا تزال تحظى بتقييمات عالية نسبيًا، تتراوح من 908000 مشاهد على قناة Fox News Sunday إلى 2.78 مليون مشاهد في برنامج Meet the Press على قناة “ان بي سي” سبتمبر/أيلول 2023.

وأكد الكاتب أنه عندما يتعلق الأمر بغزة، توضح هذه البرامج مدى انحياز وانعزال صناع القرار ووسائل الإعلام الرائدة في أمريكا.

وشدد على أن الطريقة التي يناقشون بها قضايا اليوم تعكس أولويات وتحيزات النخبة السياسية، الأمر الذي يخاطر بترك الجماهير غير مطلعة وغير معرضة لمجموعة من وجهات النظر في العالم.

وقال الباحث إنه حلل ضيوف البرامج، الذين بلغ عددهم 140 (مع استبعاد الضيوف الذين يعملون كمراسلين في تلك الشبكات أو محللين منتظمين لديها) وملاحظاتهم خلال الأشهر الثلاثة التي أعقبت هجمات “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول مباشرة.

وتوصل إلى عدد من الحقائق تثبت التحيز الكبير لصالح الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وهي على النحو التالي:

كانت الغالبية العظمى من الضيوف (120 من أصل 140) أمريكيين، ولم يكن أي منهم من أصل فلسطيني أو حتى عربي أمريكي.

وكان ثلاثة ضيوف أمريكيين من أصول إسلامية من جنوب آسيا، لكن اثنين منهم فقط عبروا عن وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين، أما الثالث فكان يعمل في مركز أبحاث أمريكي محافظ وكان أكثر تعاطفا مع إسرائيل في تعليقاته من الاثنين الآخرين.

وشكل الإسرائيليون الجنسية الثانية الأكثر شيوعًا، حيث ظهر 10 ضيوف.

كان هناك برنامجا واحدا فقط، وهو برنامج “واجه الأمة”  Face the Nation الذي تبثه قناة CBS، كان يضم مواطنين عربا كضيوف، لكنهم كانوا ممثلين بشكل محدود في هذا البرنامج، حيث شكلوا 11% من جميع الضيوف الذين ظهروا.

كان هناك مواطن فلسطيني واحد فقط ضيفًا، وهو حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية لدى المملكة المتحدة كان في برنامج “واجه الأمة” في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وكانت الآراء التي عبر عنها الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات وأعضاء اللجنة الأمريكيون مؤيدة بأغلبية ساحقة لإسرائيل. وكان هؤلاء الضيوف أكثر عرضة للتعاطف مع إسرائيل بأكثر من الضعف مقارنة بالفلسطينيين.

كانت قناة “فوكس نيوز” الأكثر تحيزا للاحتلال، حيث أعرب 96% من الضيوف عن آراء مؤيدة لإسرائيل؛ ولم يتم التعبير عن وجهة نظر واحدة مؤيدة للفلسطينيين.

في البرامج الأخرى، أعرب ما بين 60 و65% من الضيوف عن آراء مؤيدة لإسرائيل. باختصار، كانت وجهات النظر المؤيدة لإسرائيل أكثر تكراراً بخمسة أضعاف من المؤيدة للفلسطينيين في جميع البرامج التي تم بثها.

82%  من الضيوف كانوا مسؤولين حاليين أو سابقين في الحكومة الأمريكية، ما يشير إلى أن تلك العروض تمثل بشكل مبالغ فيه آراء مجموعة ضيقة من النخبة السياسية في الولايات المتحدة، ونظراً للطبيعة غير المتوازنة للسياسة الخارجية الأمريكية باعتبارها مؤيدة لإسرائيل بشكل حازم، فمن المتوقع أن يعكس التأطير في هذه البرامج الحوارية هذا الموقف بشكل غير متناسب، كما يقول الكاتب.

وأكد الباحث أنه وبسبب التحيزات في السياسة الخارجية الأمريكية وندرة وجهات النظر الفلسطينية والعربية، كانت السياقات الرئيسية التي تحدد المشاكل العميقة في السياسات الإسرائيلية غائبة تقريبًا.

على سبيل المثال، تم ذكر “الاحتلال” 15 مرة فقط في البرامج التي مدتها 51 ساعة والتي تم تحليلها، وكان معظم الضيوف العرب هم من فعلوا ذلك.

وفي المقابل، نطق الضيوف كلمة “رهائن” 529 مرة، أي بمعدل 35 إشارة مقابل إشارة واحدة لكلمة “احتلال”.

وكانت “حماس” وبقية فصائل المقاومة قالوا إنهم أسروا إسرائيليين جزئيا لضمان إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، الذين تحتجز إسرائيل العديد منهم دون توجيه تهم إليهم.

ومع ذلك، فقد تم ذكر الأسرى الفلسطينيين 17 مرة فقط، خلال تلك البرامج.

وإحدى النتائج المفاجئة التي توصل إليها الباحث هي قلة عدد الضيوف الذين تحدثوا عن “الفلسطينيين” على الإطلاق.

وكخط أساس، ذكر الضيوف إسرائيل 2,282 مرة، وقد تم ذكر “حماس” بمقدار النصف (1108 مرة).

ومع ذلك، فإن فلسطين أو الفلسطينيين – الذين تحملوا وطأة الحرب الإسرائيلية على غزة – استحقوا 456 إشارة فقط، أي أقل من نصف عدد مرات الإشارة إلى “حماس”.

وأكد الكاتب أن هذا يدل على “التأطير المفضل للحرب على أنها صراع بين إسرائيل وحماس، وهو ما يصرف الانتباه عن العقاب الإسرائيلي المنهجي للمدنيين الفلسطينيين”.

وعلى الرغم من أن مطلب وقف إطلاق النار في غزة هو السائد لحركة الاحتجاج الأمريكية النابضة بالحياة، بما في ذلك عدد متزايد من المشرعين الأمريكيين والعديد من زعماء العالم، إلا أنه لم تتم مناقشته إلا نادرًا خلال البرامج.

وتم طرح “وقف إطلاق النار” 94 مرة فقط في جميع العروض، أكثر من نصف هذه الإشارات كانت على برنامج “فوكس نيوز صنداي”، حيث عارض الضيوف الفكرة بشدة.

والأكثر ندرة من مصطلح “وقف إطلاق النار” كان مصطلح “الإبادة الجماعية”، الذي نطق به الضيوف 23 مرة فقط. ولم يتم تطبيقه إلا مرة واحدة على سلوك إسرائيل في غزة، على الرغم من الاهتمام الواسع النطاق به من قبل الباحثين والمحامين الدوليين والحكومات، فيما يتعلق بالحصار الإسرائيلي وقصف غزة.

ويختم الكاتب تحليله بالقول إن عدم تضمين البرامج الإخبارية يوم الأحد على قنوات ABC وNBC وFOX  ضيفا فلسطينيا واحدا ، بينما كان لدى CBS ضيفًا واحدًا فقط، مما  يعد فشلًا ذريعًا.

ويضيف: لا ينبغي أن تكون أي نقطة بيانات مثيرة للقلق مثل حقيقة أن المسؤولين في إدارة بايدن والمشرعين الديمقراطيين كانوا من بين المنتجين الرئيسيين للرسائل المؤيدة لإسرائيل التي لم تأخذ في الاعتبار – على الإطلاق – الحقائق على الأرض في غزة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى