بيع مكتبة عُبادي في عدن بعد قرن ونصف من تأسيسها

> «الأيام» إرم نيوز:

> بعد قرابة قرن ونصف من الدور الفكري والتنويري، الذي قدمته "دار الكتب العربية"، المعروفة في مدينة عدن بالحاج عُبادي، اصطدم هذا الصرح الثقافي بعقبة لا يمكن تجاوزها، بعد أن قرر مالكو العقار الذي تقع ضمنه المكتبة بيعه لتقسيم الميراث.

ويرتبط الظهور الأول للمكتبة عام 1884، بالشغف الكبير الذي كان يتملّك الحاج عُبادي حسن الهاشمي، للقراءة وتوسيع مداركه الثقافية، عقب عودته من رحلته التجارية الطويلة من الهند إلى عدن، جنوبي اليمن، في ظل غياب المكتبات العربية عن المنطقة.

وأسس الحاج عُبادي حسن الهاشمي، المكتبة قرب دوّار زكّو، على المدخل الشمالي للشارع الطويل، أحد أعرق المواقع التجارية بعدن القديمة، ليبدأ مشواره في استيراد الكتب من مصر، ولبنان، وبعض الدول الأخرى.

وبعد تأسيسها بعامين، توسّع النشاط إلى الطباعة، لتشهد عدن ميلاد أول كتاب طبع ونُشر من خلال المكتبة، تحت عنوان "النهر الفائض في أحكام الفرائض"، لمؤلفه الشيخ، عبدالقادر مكّاوي، وهو ما جعل المدينة بمثابة مركز ثقافي، تسوّق المكتبة منها جميع الإصدارات بشكل حصريّ في الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، وصولًا إلى بلدان شرق آسيا.

صمود طويل

وقال مدير المكتبة، جمال عبداللطيف عبادي، في تصريح لموقع "إرم نيوز" الإماراتي، إن المشروع لم يكن تجاريًا منذ تأسيسه، ولكن كان يرمي إلى نشر الثقافة والمعرفة.

وأضاف، وهو الحفيد الثاني للمؤسس: "أحفاد عائلة عبادي جميعهم يؤمنون بأهمية الرسالة منذ تأسيسه، رغم سهولة تغيير النشاط إلى مشروع آخر مُربح، أو تأجير المحل بمبالغ ضخمة، نظرًا لموقعه في قلب سوق عدن القديمة، وقد عُرض عليّ تأجيره، ورفضنا ذلك حرصًا على استمرار رسالة المكتبة الثقافية".

وأشار جمال عبادي، المقيم حاليًّا في بريطانيا، إن المكتبة تعتبر رافدًا مهمًّا في تجسيد الهوية العدنية، من خلال اهتمامها بنشر أعمال الكُتّاب والأدباء، سواء في عدن أو بقية محافظات جنوب اليمن، فضلًا عن دورها البارز خلال الاحتجاجات المتصاعدة ضد الاحتلال البريطاني.

إسدال الستار

مع ضعف الحركة الثقافية وتراجع القدرة الشرائية في البلاد، تخلت المكتبة عن جزء كبير من اهتمامها بالكتب، وتوجهت نحو القرطاسية وألعاب الأطفال، وهي حالة يعيشها العالم وفق عبادي.

ويتولى مسؤولية تشغيل المكتبة حاليًّا، الشاب فراس عبدالحميد عبادي، بعد أن اضطر عمّه جمال، إلى ترك البلاد واللجوء إلى بريطانيا، قبل أكثر من عقد، نتيجة لنشاطه السياسي في جنوب اليمن، وهو ما يجعل 5 أجيال من العائلة تعمل في إدارة هذه المكتبة العتيقة.

ويؤكد فراس أن المكتبة حاليًّا معروضة للبيع، وهي بانتظار استكمال إجراءات الوارثين، وبالرغم من ذلك، فإنهم حريصون على بقائها مفتوحة حتى اللحظات الأخيرة.

ويوضح جمال عبادي أن البيع مرتبط بأن المكتبة تقع في أسفل عقار مكون من أدوار علوية سكنية، مملوك بأكمله لمجموعة من الوارثين من أفراد العائلة.

ويقول جمال: "إذا أرادوا حقهم فلا يمكن اعتراضهم أو شراء حصصهم، نظرًا لقيمة العقار الواقع في قلب منطقة تجارية، مقارنة بإمكانياته المادية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى