نساء على الرف

> ستهل علينا بعد أيام قلائل مناسبة يحتفي بها العالم أجمع، تقديرًا للتضحيات التي قدمتها المرأة العاملة خدمة لوطنها، إنه الثامن من مارس الذي يتسابق فيه القادة والسياسيون ببلدي للتصوير أمام الكاميرات والإعلام، إنهم مع وضد كل ما يعيق تقدم وازدهار المرأة وأحقيتها بالمشاركة في كافة الجوانب الحياتية، ومؤازرتها لأخيها الرجل حتى يحققا معًا حياة أفضل وكريمة للجميع.

ثم تتلاشى تلك التصريحات ونعود لنقطة البداية التي لا إنصاف فيها للمرأة، فالمتتبع لواقعنا يؤكد أن المرأة في بلدي مازالت تعاني من الفكر الذكوري المتسلط غير المدرك لتبعات سلوكه وتصرفاته تجاه المرأة.

فالمرأة إذا حالفها الحظ في مجتمعنا إن صدر لها قرار تعيين في منصب قيادي، فيكون كحد أقصى مديرة إدارة أو مصلحة ليس لها تأثير سيادي، وإن شاءت الأقدار أن تمنح درجة وكيلة وزارة، فهي محظوظة إن لم تحارب في صميم عملها، ما دفع بالكثيرات إلى الابتعاد عن المواجهة كون الدولة لاتقف معها على أرض الواقع، وإنما تكتفي بمناصرتها على الورق بسن التشريعات والقوانين التي تنصف المرأة.

أيها السادة العقلاء إن كنتم تتذكرون فقد كنا معكم نواجه أشد الصعاب، بل نسينا أنفسنا وقلنا صح إنها الحرب وإنهم رجال، وعلينا احتواؤهم وتخفيف الضغط النفسي الواقع عليهم، فدعونا إلى التزام الصمت حين عدتم من الجبهات، وأن لا نجادلكم بل علينا تحمل ونسيان أوجاعنا، وعلينا بطول البال و احتملنا، إلا أنكم ظننتم أن هذا الصمت هو حق لكم وواجب علينا نحن النساء، فلم نلقَ اهتمامًا أو إنصافًا منكم أو تقديرًا لما قدمنا، بل واجهنا حربًا من نوع آخر، وهي كيف نحافظ على حقوقنا ومكاسبنا التي كانت قبل الحرب، ونستعيد ما خسرناه أثناء وبعد الحرب.

نحن في وضعنا الراهن نعاني من عدم إقرار واعتراف فعلي بحقوقنا، وإننا متساوون في هذا الوطن بالواجبات والحقوق، وإنما تم وضعنا على الرف وواجهنا الكثير من الاستثناءات، كان من المفترض أن لا نواجهها، فتم تغييب وجودنا في إدارة الشؤون العامة، والوصول إلى مراكز صنع القرار، وتم معاملتنا من قبل من كنا نعتقد أنهم مثقفو هذا البلد بعدم الاكتراث لِما قدمنا وأنجزنا وما نملك من مؤهلات.

إننا نعاني من إعاقة في الفكر الذكوري، ولابد على الدولة أخذ كافة الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه الإعاقة الفكرية، حتى لا تتوارث عبر الأجيال القادمة، فالمرأة جزء من هذا المجتمع، وليست رقمًا يذكر في كشوفات أو برامج الدعم التي تقدم للمنظمات الدولية، نحن نساء هذه الأرض ولن يفتر لنا صوت في أحقيتنا بالمشاركة في بناء هذا الوطن، فلدينا من المؤهلات العلمية والأدبية والثقافية ما يفتح لنا أبوابًا قد لا يستطيع الرجال أنفسهم فتحها.

* دكتوراة علوم تنمية المرأة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى