خطوط الكابلات مقدمة لضرب الميليشيات الحوثية

> «الأيام» اندبندنت عربية:

> تعمل أجهزة المعلومات في العالم وفق ثوابت وأهداف محددة بخاصة في مناطق الصراعات والنزاعات الدولية، وتنطلق دائماً من العمل في مواجهة الأخطار، والتحديات مع التركيز دائماً على النفاذ إلى أهدافها عبر إجراءات وتدابير حرفية ومهنية على أعلى مستوى من الاختراقات الأمنية والاستراتيجية على اعتبار أن هذا الإجراء قد يكون هو المنطلق للوصول إلى مما تخطط له، ومن خلال مقاربات عدة.

في علم الاستخبارات هناك ما يعرف باسم الاستخبارات العلمية والاجتماعية والأمنية التي تتعامل مع النشاط الهدام والهدم من الداخل، والتركيز على الأهداف القريبة والبعيدة، وهو ما يتضح في رصد حركة النشاط للجماعات، وشركات الأمن وجيوش القطاع الخاص التي تعمل في مداخل المناطق الاستراتيجية وتحديداً البحرية ومناطق التماس والاستراتيجي حيث تتركز المصالح، وتتوزع مصادر التهديدات الأمنية المتعددة التي تشمل مصالح الدول الكبرى.

من هنا يكون التركيز الدائم على كيفية العمل من أعلى والنفاذ إلى المصالح عبر عمليات التجنيد والحشد والتعامل من خلال شركات ومؤسسات أمنية تعمل تحت سواتر متعددة، وهدفها الوصول إلى الهدف، والتعامل معه وتحقيق ما يخطط له وهو ما مكن الدول الكبرى عبر أجهزة استخباراتها من الوجود في مناطق الصراعات الكبرى، والدخول في حلبة من المصالح الكبيرة، التي يخطط لها عبر ما يعرف بالصيد الآمن أو المأمول.

وفي مقدمة تلك المناطق البحر الأحمر الذي يمر عبره 16 كابلاً رئيساً للاتصالات منها أربع كابلات تمر من المياه اليمنية الإقليمية في الأجزاء الخاضعة لميليشيات الحوثي، التي لا تزال تجني منها بالفعل إيرادات كبيرة من الشركات الدولية التي تدير هذه الكابلات البحرية مع العلم بأن ما يجري لن يمس الملاحة لأن السفن تعتمد على الأقمار الاصطناعية.

مسارات مهمة

تتحرك إذاً أجهزة المعلومات عبر شبكات دولية ومن خلال عشرات العملاء للتعامل مع الأهداف وما يجري في البحر الأحمر في الوقت الراهن، وامتداده إلى مضيق باب المندب وفي مناطق التماس المجاورة، وهو ما يؤكد احتمالية عمل جهات غير معلومة أو الاستخبارات على مستويات معينة وأهداف محددة مثلما هو الجاري في التعامل مع التهديد الحوثي في البحر الأحمر.

ومن الواضح أن أجهزة المعلومات الدولية ووكلائها يتحركون في دوائر عدة متفاعلة ومتشابكة بهدف تحقيق أهداف منضبطة أهمها استهداف الميليشيات وشركات الأمن وعناصرها وكوادرها الكابلات وطرق التواصل والتفاعل الدولي من خلال خطوط الاتصالات لكي تجد المبرر لاستهداف ميليشيات الحوثيين التي توجد في هذه المناطق، وتؤثر من خلال تحركاتها في مسار الملاحة البحرية بل وتعوق مسار الانتقال من وإلى الممرات الدولية، وهذه الكابلات هي كابل آسيا - أفريقيا - أوروبا 1 وكابل جنوب شرقي آسيا - الشرق الأوسط - أوروبا الغربية 5 وكابل أفريقيا 1، وكابل فلاج شبكة ألكاتيل - لوسنت الضوئية.

مخططات منضبطة

ومن ثم فإن مخطط أجهزة المعلومات يعمل في سياق من التأثير المباشر بل والتحرك كبروفة لما سيجري في المدى المتوسط وشل حركة التحركات الحوثية وأي ميليشيات أخرى في الإقليم يمكن أن توظف الاتصالات المتقدمة لتحقيق هدفها، إذ إنه من دون الاتصالات وتمركزها لا يمكن أن تنجح أية محاولات لأي ميليشيات وهي تجربة جرت في مراحل معينة في استهداف العناصر التي هددت القرن الأفريقي بالفعل في مراحل مواجهة القرصنة البحرية، ونجحت أجهزة الاستخبارات الدولية في إنهاء هذه الظاهرة.

ولهذا فإن استهداف أجهزة الاستخبارات الكابلات البحرية في البحر الأحمر وخارجه مهم للتعامل مع أي تحركات للميليشيات الحوثية العاملة في البحر الأحمر، ومن ثم فإن تنفيذ أي أعمال تخريبية قد يكون مقدمة ومدخلاً لمزيد من التدخل المبرر في القرن الأفريقي والبحر الأحمر ومضيق باب المندب، بخاصة أن الحوثيين وجهوا تهديدات بنشر خرائط توضح التقاء كابلات الاتصالات تحت البحر، تزامناً مع إعلانهم عن دخول سلاح الغواصات البدائية خط المواجهة.

تداعيات متعددة

وفي إشارة إلى أن تعطيل الكابلات أو الدخول بالتشويش على مهامها أو تخريب خطوطها يأتي في هذا السياق، بل قد يكون العمل الاستخباراتي أهم وفي بداية أي نشاط أمني وهدفاً ومبرراً لاستهداف الميليشيات أياً كانت قدراتها وإمكاناتها التي تتعامل بها، بخاصة أن أجهزة الاستخبارات تدرك أن مهامها مقدمة لعمل عسكري أو أمني بصورة لاحقة ويدفع إلى التعامل مع أي خطر حقيقي وارد.

ومن ثم فإن أي تدخل في مسارح العمليات البحرية يعني الانتقال من المهام الأمنية والاستخباراتية إلى تنفيذ سياسات محددة، وهو ما قد ينطبق على حالة البحر الأحمر بما يتميز به من خصوصية جيواستراتيجية، ومن ثم فإن ضرب ميليشيات الحوثي يتطلب إجراءات وتدابير أمنية واستخباراتية عالية وليس فقط استهدافاً لمواقع في اليمن بل والعمل من خلال خريطة أهداف متعددة تعرفها جيداً أجهزة الاستخبارات التي تراقب وتتابع وتسجل وترصد، ومن ثم تتعامل في تحقيق وتنفيذ الهدف بخاصة أن تعطيل الكوابل الدولية المارة بعديد من الدول، ومن خلال تقنيات متقدمة سيؤثر في إجراء الاتصالات الدولية والإقليمية، ويهدد الوضع الاقتصادي والتجاري بل والعسكري.

ولهذا فإن اتخاذ مبرر لقطع الاتصالات والمساس بالكوابل البحرية في البحر الأحمر قد يؤدي بالفعل إلى تبني استراتيجية التعامل مع الأخطار الواردة من اليمن، حيث يوجد الخطر الحوثي الذي يجب التعامل معه بصورة مباشرة وعبر عمل شامل نوعي، ولهذا فإن كثيراً من أجهزة المعلومات باتت تتعامل انطلاقاً من خلق المبرر أو إنشائه وتدشينه ثم الانطلاق للتعامل، مما يؤكد أن مبرر التدخل والتعامل مع الخطر الحوثي يحتاج إلى مقدمات وصناعة ما يعرف في علم الاستخبارات بخلق الهدف وتنفيذه في إطار من التقييمات التي تصنف بحسب أهميتها بالفعل، ووفق رؤية أو حل أمني.

وقد لا تحتاج أجهزة المعلومات إلا إلى مزيد من الأهداف غير المعلنة للتدخل سواء في حالة التعامل مع ميليشيات الحوثي، أو غيرها خصوصاً مع وجود ما يعرف بالأهداف الموضوعة في بنك الأهداف للتعامل والرصد إضافة إلى تدشين المبرر، وفي حالة ميليشيات الحوثي فإن أجهزة المعلومات وعبر عملائها يسعون دائماً للنفاذ إلى الهدف، وهو ما قد يحقق ما تخطط له بخاصة مع وجود أخطار استباقية حقيقية تطرح في هذا السياق ويجب التعامل معها بصورة عاجلة.

الخلاصة الأخيرة

قد توظف أجهزة المعلومات أهدافها الاستراتيجية في تحقيق مصالحها السياسية وهو ما جرى في البحر الأحمر وخارجه، وهو ما قد يكون مقدمة لما هو قادم في إحداث حالة من الشلل الكامل في بعض الممرات المائية سواء قرب البحر الأحمر أو خارجه، وقد تكون الإجراءات وعمليات التأمين لملايين من أجهزة السيرفر قائمة وموضوعة عبر حزم إلكترونية وتقنيات عالية تتقنها أجهزة الاستخبارات عبر نشاطها العابر للحدود.

ولكن كل هذه الإجراءات أو التدابير تبقى في دائرتها حال توظيف ما يمكن الحصول عليه لخدمة أهدافها السياسية، وهو ما قد يجري في استهداف ميليشيات الحوثي وإيجاد مبرر للتعامل العسكري المباشر، واستثمار ما يحدث سياسياً في إطار التوصل إلى معلومات حقيقية حول تمدد الخطر الحوثي، وتصميمه على تهديد البحر الأحمر والممرات البحرية مما يتطلب سرعة التعامل على أرضية استخباراتية كاملة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى