الفتوحات الإسلامية

>
الفتوحات في الجانب البيزنطي

سيطرة المسلمين على الحوض الشرقي للبحر المتوسط في عصر الراشدين:

كان الروم البيزنطيون أشد أعداء المسلمين، وأقواهم شكيمة. وقد أدرك معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - هذه الحقيقة حيث قضى أربعين عاما في قتالهم، منذ أن كان واليا على الشام في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه، وإلى وفاته "سنة 60هـ" ولذلك نراه يوصي من بعده بقوله: "شذوا خناق الروم، فإنكم تضبطون بذلك غيرهم من الأمم".

وفي إقليم الشام تاخمت حدود الدولة الإسلامية حدود الإمبراطورية البيزنطية، كما جاورت ممتلكات تلك الإمبراطورية سواحل الشامل في حوض البحر المتوسط الشرقي، ومن ثم هدد الخطر البيزنطي إقليم الشام برًّا وبحرًا.

ويعتبر الانتصار الحاسم الذي أحرزه المسلمون على الجيوش البيزنطية في موقعة "اليرموك" "13هـ/ 643م" أو "15هـ/ 636م" نقطة تحول هامة في حركة الفتوح الإسلامية، أدت إلى انهيار قوي الروم، وانفصال الشام عن جسم الإمبراطورية البيزنطية. ويذكر المؤرخون أن "هرقل" عندما بلغه نبأ الكارثة التي حلت بجيوشه في معركة "اليرموك" رحل إلى "القسطنطينية"، فلما تجاوز الدرب الذي يصل أرض الشام بأرض "بيزنطة" نظر إلى الأراضي السورية وقال -يودعها بنظرة - "عليك يا سورية السلام، ونعم البلد هذا للعدو".

وعلى إثر هذه المعركة أخذت مدن الشام الكبرى في الشمال والجنوب تتساقط سريعا، الواحدة بعد الأخرى في أيدي المسلمين. ولم يكد هؤلاء ينتهون من فتح "دمشق" حتى وجهوا جهودهم لفتح المدن الساحلية الشامية والجزر الواقعة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط:

1 - فقد استولى عمرو بن العاص - رضي الله عنه- في بداية فتوح الشام- على موانئ "غزة" و"عسقلان" و"عكا" "سنة 15هـ/ 636م".

2 - ثم استولى يزيد بن أبي سفيان "الوالي على الشام -قبل أخيه معاوية - في خلافة عمر بن الخطاب" على "صيدا" و"صور" و"بيروت" و"جبيل" "سنة 17هـ/ 638م".

3 - واستولى عبادة بن الصامت -بأمر من يزيد بن أبي سفيان- على موانئ السواحل الشامية الشمالية، مثل "اللاذقية" و"جبالة"، و"أنطرسوس".

4 - وعندما تولى معاوية بن أبي سفيان إمارة الشام بدأ النشاط البحري الكبير في شرق البحر المتوسط، وأظهر في فتح المنطقة الساحلية عبقرية فذة، وبذل فيها جهودا ذات "بلاء حسن وأثر جميل" على نحو ما شهد له بذلك قادة المسلمين، فاستولى على "قيسارية" "سنة 19هـ/ 640م". وهي من أهم المدن الساحلية بالشام، ثم على مدينة "طرابلس" التي كانت ميناء "دمشق" ومفتاح حياتها الاقتصادية وتتفوق على سائر مدن الشام في حصونها وبهائها.

5 - وقد اهتم معاوية بغزو جزر البحر المتوسط المواجهة لساحل الشام ليتخذها مراكز أمامية يوجه منها الغزوات البحرية إلى بلاد البيزنطيين نفسها، فاستولى على "أرواد" و"رودس". ثم قاد أول حملة بحرية إسلامية على جزيرة "قبرص"، فتوجه إليها من "عكا" "سنة 28هـ/ 645م"، وما كادت السفن الإسلامية ترسو إلى ساحلها حتى أذعن أهلها بالطاعة للمسلمين، وصالحهم معاوية على جزية سنوية، واشترط عليهم أن يلزموا الحياد في الصراع العربي البيزنطي، وأن يبلغوا المسلمين بسير عدوهم من البيزنطيين. فلما كانت "سنة 32هـ/ 652م" أعان أهل قبرص البيزنطيين على الغزاة في البحر بسفن قدموها لهم، فغزاهم معاوية "سنة 33هـ/ 653م" في خمسمائة سفينة، وافتتح الجزيرة - في هذه المرة - عنوة، ثم أقرهم على صلحهم الأول، وارسل إليهم اثني عشر ألفا من المسلمين ليقيموا في الجزيرة، ونقل إليها جماعة أخرى من مسلمي بعلبك، فبنوا المساجد والبيوت... يتبع

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى