حبر أقلامنا أخلاقنا

> صرنا نفتقد كثيرًا للكلمة الطيبة الصادقة الخالصة التي لا يشوبها غبار، وتخفي خلفها أطماع النفس البشرية التي لم يستطع أصحابها السيطرة عليها ففقدوا صدق الكلام وصارت أقلامهم تتغذى من حبر الرياء والنفاق والتطبيل وتزييف الحقائق وتلميع التصرفات والسلوكيات، بما يتناسب مع أهوائهم ومصالحهم ومطامعهم الشخصية، حتى وإن عرضوا في سوق النخاسين فلن يهمهم شيء بقدر ما يهمهم مصالحهم الشخصية، وتحقيق رغباتهم، نسوا أن الكلمة أشد وقعًا، وأنها وسام شرف على صدر قائلها.

لا جدال فيه أن أقلامنا حبرها مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا التي تربينا عليها، وأحسنا فيها معاملاتنا مع الآخرين فانعكست على أسطر أوراقنا، صغنا فيها مواقفنا اتجاه ما حولنا بكل صدق وصلابة وإخلاص. إننا اليوم أحوج ما نكون إليه هي الكلمة الصادقة لأجل هذا الوطن الذي اغتالته أقلام لا يهمها بناء هذا الوطن، بل سخَرت كل طاقاتها لطمس الحقيقة وتزييف الواقع الذي ما عاد هناك شيء يمكن أن يطمسه.

أقلامنا هي السلاح الذي يجب أن يوجه لخدمة الوطن، لا لأشخاص، وأن لا نخشى أحدًا حين يتعلق الأمر به، فيكفي ما مضى من تمجيد لأشخاص على حساب هذا الوطن. فالضمائر الحية حبر أقلامها حب هذا الوطن دون منازع، ستنتقد كل ما يمزق لحمة الوطن، وستقف ضد كل من سولت له نفسه أن يسيئ لهذا الوطن، وستوجه النقد لمن أساء استخدام سلطتهم وقوتهم ضد الآخرين.

فهناك أقلام حبرها الحقيقية مهما كانت مختلفة مع أشخاص ولم تتفق معهم، لكن فرضت عليها مبادئها، أن تقول الحقيقة دون تزييف أو تنميق، وتركت جانبًا خلافاتها وحب الانتقام من أجل نقل الوقائع كما هي، دون مجاملات أو كذب، لأن حبر قلمها مبادئ لم تتغير وأخلاق تربى أصحابها عليها.

كلماتنا هي الأثر الذي نتركه خلفنا حين نرحل، وهي التاريخ الذي نسطره بأيدينا لأنفسنا، إما أن يقال عنا شرفاء الكلمة صادقين، أو يقال عنا هم من باعوا أنفسهم في زمن الحرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى