مبادرة إنقاذ تاريخية.. جهود شباب آل سيف لإعادة حياة إلى حصن سكيبان

> علوي بن سميط

> رحلة استكشافية في جعيمة وسحيل.. تاريخ وثقافة وجمال
> جعيمة وسحيل مزيج رائع من التراث والجمال الطبيعي
> حصن سكيبان.. بوابة إلى التاريخ والتراث في حضرموت


> على بُعد نحو 8 كيلومترات جنوب شبام، تقع بلدة سكيبان، وهي بلدة قديمة تقع على مدخل وادي بن علي من الجهة الغربية، تحت سفح الجبل، وتشتهر بواجهة عرض آل سيف. تعتبر المنطقة من المناطق الهامة التي شهدت أحداثا تاريخية كبيرة لتثبيت الدولة الكثيرية الأولى عند قيامها.


في القرن التاسع عشر، كانت بلدة سكيبان نقطة تجمع لعدة قبائل، بما في ذلك قبيلة الكثيرية، حيث جرت محاولات لتوسيع نفوذ الدولة نحو وادي بن علي. وقد شهدت هذه المنطقة حالات توتر وصراعات تاريخية بين القبائل المختلفة، وتمثلت هذه الصراعات في محاولات تثبيت السلطة والنفوذ.

يقع الحصن القديم في سكيبان على صخرة كبيرة، ويتكون من ثلاثة أبراج بُنيت من الطين الصخري قبل حوالي 800 عام، ويُعتبر هذا الحصن جزءا لا يتجزأ من التراث التاريخي لحضرموت. وبالرغم من مرور الوقت، إلا أن الحصن ما زال يحتفظ بعظمته ويُشكل جزءا مهما من الذاكرة التاريخية للمنطقة.


بعد مرور الزمن، بدأ الحصن يتدهور تدريجيا بفعل العوامل الطبيعية وتأثيرات الزمن، ولكن ما زال يحمل قصة ثرية ومليئة بالتاريخ والحكايات. ومن أجل الحفاظ على هذا التراث الثمين، قام شباب عائلة آل سيف بمبادرة رائدة لإعادة ترميم الحصن، حيث بدأوا بإصلاح سقفه والأسقف العلوية بتمويل ذاتي.

قمنا بالوقوف داخله مع أفراد عائلة آل سيف، ورافقنا خلال الزيارة شباب يعرضون لنا تاريخ المنطقة والحصون والقبائل.

تعتبر هذه الحصون والقلاع جزءا لا يتجزأ من تاريخ حضرموت، وتمثل هويتها. لذا، قام شباب عائلة آل سيف، بإعادة ترميم الحصن بداية من سقفه وصولا إلى الأسقف العلوية في سبتمبر 2020، بتمويل ذاتي من القبيلة. وهذا الترميم يعد بداية لترميمات أخرى قد تليها لتحافظ على هذا التراث التاريخي والثقافي الهام.

بفضل هذه المبادرة، يتم الآن ترميم هذا الحصن التاريخي واستعادة عظمته، ويُعد هذا الترميم خطوة هامة نحو حفظ التراث التاريخي لحضرموت ونقله للأجيال القادمة. ومع تزايد الاهتمام بالتراث والتاريخ، من المتوقع أن يكون هذا الحصن مركزا جذبا للسياح والمهتمين بالتراث الثقافي في المنطقة.

وفي جولة استكشافية مثيرة، انطلقنا يوم أمس الجمعة الموافق 29 مارس في شهر رمضان المبارك، لنكتشف جمال وتاريخ مناطق جعيمة القفل والظاهرة وسحيل في مديرية شبام التابعة لمحافظة حضرموت. وقد كانت هذه الرحلة فرصة لاستكشاف وتوثيق البيوت والقصور التاريخية في هذه المناطق الرائعة.



تعود أصول هذه القصور الفخمة إلى عدة عائلات، بما في ذلك آل جعفر بن محمد من آل سعيد الكثيري، وهادي بن سعيد بن عيلي بن سعيد، وآل عوض بن سلامه بلقحوم بن سعيد، وسعيد بن بدر بلقحوم بن سعيد. ويعتبر جعيمة بأكملها، بما في ذلك سحيلها وقراها، موطناً لعدة قبائل، بمن فيهم آل كثير، وكانت سكناً لبعض المشايخ من آل باوزير، والذين يمتلكون قرى وبلدات حتى أعلى الوادي. وفي جعيمة السحيل، عاش عدد من أفراد آل العيدروس.

ويعود تاريخ المنطقة إلى القرن التاسع عشر، حيث قام السيد عيدروس بن حسين العيدروس، مولى الحزم وأحد أجداد المتحدث، بتأسيس مشروع زراعي كبير في جعيمة عام 1302 هجري (1884 ميلادي). وقد جلب المشروع مهندسين متخصصين من الهند وإندونيسيا لتطويره، لكنه للأسف فشل بسبب عدم استيعاب المزارعين للزراعة الحديثة في ذلك الوقت.

في القرن العشرين، أقامت حكومة اليمن الجنوبي بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي مزرعة كبيرة تُعرف بمزرعة الدولة في جعيمة. ولا يزال الأرض في جعيمة تُعتبر واحدة من أكثر الأراضي الخصبة في حضرموت.

وخلال الجولة، قام السيد ياسر بلقحوم بن سعيد، الذي تشرفنا بحضوره، بتقديم لنا جولة تاريخية مثيرة في تلك المنطقة، وقد قام بتوجيهنا إلى البيوت والقصور والقرى التي تحتضنها جعيمة وسحيلها، وشارك معنا المعلومات القيمة حول تاريخ المنطقة وعائلاتها المهمة.



وبالرغم من اقتراب وقت الفطور، إلا أننا لم نكتف بجولة في جعيمة فحسب، بل انتقلنا إلى استكشاف الوديان والبلدات القريبة والتي شكلت مسكنا لعدد من أفراد آل باوزير وآل سعيد، وكانت جعيمة وسحيل موطنا لعدة قبائل.

وشبام هي بلدة أثرية ومركز مديرية شبام في حضرموت وتشكل المدينة المسوّرة التي تعود إلى القرن السادس عشر أحد أقدم النماذج وأفضلها للتنظيم المدني الدقيق المرتكز على مبدأ البناء العمودي. وتعود تسميتها «بمانهاتن الصحراء» إلى مبانيها البرجية الشاهقة المنبثقة من الطين. وفي 2 يوليو 2015 أضافت اليونسكو مدينة صنعاء القديمة وشبام على قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر.

وُصفت مدينة شبام المسورة التي تعود للقرن السادس عشر بأنها "مانهاتن" أو "شيكاغو" الصحراء، ترتفع المدينة من حافة جرف وادي حضرموت وتضم مجموعة من الأبراج الشاهقة المبنية من الطوب المجفف بالشمس. تقع المدينة في محطة توقف مهمة للقوافل على طريق التوابل والبخور عبر الهضبة العربية الجنوبية، وقد بنيت مساكنها التي يصل ارتفاعها إلى سبعة طوابق على مخطط شبكي محصن مستطيل الشكل من الشوارع والميادين.

بنيت المدينة على نتوء صخري يرتفع عدة مئات من الأمتار فوق قاع الوادي، وحلت محل مستوطنة سابقة دمرت جزئيا بسبب فيضان هائل في 1532-1533.

يعود تاريخ مسجد المدينة إلى القرنين التاسع والعاشر والقلعة من القرن الثالث عشر، لكن أول استيطان بشري فيها كان في فترة ما قبل الإسلام.

أصبحت المدينة عاصمة لمملكة حضرموت بعد تدمير العاصمة السابقة شبوة عام 300 بعد الميلاد والتي كانت تقع إلى الغرب على طول الوادي.

في أواخر القرن التاسع عشر أعاد التجار العائدون من آسيا إحياء المدينة المسورة، ومنذ ذلك الحين توسعت إلى الضفة الجنوبية للوادي لتضم ضاحية جديدة.


في العصر الحديث ساهمت عدة عوامل في تدهور المدينة، كالتخلي عن نظام إدارة الفيضانات الزراعي القديم في الوادي، والضغط الزائد على أنظمة الصرف الصحي التقليدية من خلال إدخال إمدادات المياه الحديثة إلى جانب عدم كفاية الصرف، إلى جانب التغييرات في إدارة الثروة الحيوانية .يعكس التصميم الكثيف لشبام المحاط بمنازل مرتفعة متجاورة داخل الأسوار الخارجية استجابة حضرية للحاجة إلى الملجأ والحماية من قبل العائلات المتنافسة، فضلاً عن مكانتها الاقتصادية والسياسية، لذا تعد مدينة شبام القديمة المحاطة بأسوار وموقعها في وادي حضرموت نموذجًا بارزًا للاستيطان البشري واستخدام الأراضي وتخطيط المدن.

تعتبر الهندسة المعمارية المحلية لشبام، بما في ذلك تأثيرها المرئي الناشئ من السهل الفيضي للوادي والتصميم الوظيفي والمواد وتقنيات البناء، تصميمًا مميزًا في الثقافة التقليدية العربية والإسلامية ولكنه ضعيف للغاية.

وتشكل المناظر الطبيعية المحيطة بالأراضي المروية بكميات كبيرة والتي كانت ولا تزال تستخدم في الزراعة نظامًا اقتصاديًا متكاملًا يشمل الزراعة الفيضية واستخدام الطين لبناء المباني التي لا توجد في أي مكان آخر في المنطقة.

الجغرافيا


تقع مدينة شبام في قلب المحافظة حيث تقع بين مدينة سيئون ومدينة القطن وتبعد عن المكلا 350 كيلومتر، كما أنها على بعد 21.5 كيلومتر عن مدينة سيئون، مركز وادي حضرموت.

"خاص الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى