كفى استثمارًا باسم (الوحدة) وتنكرًا لحقائق الواقع ومعطياته

> مازال البعض يدّعي وبحماقة وغباء؛ ولأهداف وغايات باتت مكشوفة ومعروفة للناس؛ والمرتبطة أساسًا بمصالحهم الخاصة وبأطماعهم بثروات الجنوب وبحكمه والسيطرة عليه؛ بأن (الوحدة) مازالت قائمة وبألف خير؛ ولذلك فهم مستمرون بالعداء والتآمر على الجنوب؛ ويحرضون على ضرورة الدفاع عنها وحمايتها من تآمر وشر (الانفصاليين الجنوبيين)؛ والاستمرار بقتلهم والقتال ضدهم وكسر إرادتهم؛ حتى يكفوا عن محاولاتهم في (زعزعة) أركانها الثابتة والنيل من تمسك الشعب (الموحد) بها و(الملتف) حولها.

وكأن صنعاء في نظرهم ما زالت عاصمة (للوحدة والجمهورية)؛ وبأن عدن عاصمة الجنوب السياسية مازالت ملحقة بصنعاء و(خاضعة) لقرارها؛ بينما عدن اليوم تتهيأ لاستعادة دورها الريادي ومكانتها التاريخية؛ ولمركز قرارها السيادي الجنوبي؛ ويتنكر هؤلاء ويتناسون بأن الجنوب (الانفصالي) هو من سعى للوحدة معهم؛ ولكنهم خدعوه بكمينهم التاريخي الغادر؛ وداسوا على كل الاتفاقيات والعهود والمواثيق الموقعة معهم.

فهم من أسقطوا بأنفسهم مشروع الوحدة الطوعية والسلمية؛ فباسمها وتحت شعارها وبفتاوى التكفير؛ تم الاعتداء على الجنوب بحروب عدوانية مدمرة ومتتالية ومنذ احتلاله عام 94م؛ مورست ضد أبنائه كل أشكال القهر والظلم والتعسف؛ وأصبح الإقصاء سياسة رسمية للنظام؛ وكان التهميش الممنهج وسيلة وطريقة حكم معتمدة لإلغاء حضورهم ودورهم في إطار مؤسسات (الدولة)؛ وحتى على أرضهم في الجنوب وفي مختلف محافظاتهم ومناطقهم.

ولم يتم توقف الأمر عند هذا الحد؛ بل ذهب (الوحدويون) بعيدًا وحولوا الجنوب إلى غنيمة حرب وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ وصادروا حقوق أبنائه المدنية والسياسية؛ والتنكر لتاريخه وكأنه لم يكن قائمًا بذاته كدولة ووطن وهوية؛ ومارسوا الحقد الأسود والانتقام المجرد من الأخلاق؛ فدمروا جيشه ومؤسساته الأمنية وبأبشع صورة؛ وطال نهجهم التدميري كل مؤسساته الثقافية والإعلامية والتعليمية والفنية؛ ومنظماته الاجتماعية والجماهيرية؛ وحاولوا طمس كل معالم إرثه وتراثه الحضاري والتاريخي؛ فعن أي وحدة تتحدثون يا هؤلاء؟!

لقد أصبحنا في وضع مختلف ومغاير تمامًا لما كانت عليه الأمور قبل عقود من الزمن؛ فالأوضاع والعلاقات التي كانت قائمة بين عدن وصنعاء قبل عام 1990م؛ لم تعد قائمة اليوم ولن تعود إلى ذلك الزمن؛ فقد صنعت الحروب العدوانية ضد الجنوب ما لا يمكن إصلاحه بسهولة؛ فقد دمرت بنتائجها الكارثية تلك العلاقات؛ وصبغتها بلون الدماء والدموع والأحزان؛ وحفرت في النفوس ما لا يمكن محوه في الزمن المنظور؛ الأمر الذي يتطلب موضوعيًا؛ الإقرار بفشل الوحدة التي لم يعد لها أي وجود فعلي على الأرض؛ لا سياسيًا ولا في نفوس الناس وقناعاتهم؛ وهذا ما يجعل من التسليم والاعتراف بحق الجنوبيين بتقرير مصيرهم بأنفسهم واستعادة دولتهم المستقلة؛ وهم ماضون بثبات على هذا الطريق؛ خيارًا منطقيًّا وموضوعيًّا وأخلاقيًّا ولمصلحة الجميع؛ ففي ذلك يكمن طريق التصحيح التاريخي لمسار العلاقة بين شعبينا الشقيقين.

فبذلك فقط يمكن ضمان الأمن والاستقرار الدائمين؛ ويعيد وشائج العلاقات الأخوية إلى الوضع الطبيعي قدر الإمكان؛ وبما يضمن التعاون والتكامل بينهما وفي أكثر من مجال؛ وحماية حقوق الجميع والمصالح المشتركة؛ وتوضع فيه الأسس المطلوبة لعملية انسياب المنافع المتبادلة وبصورة طبيعية ومنظمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى