كانوا مصابيح بيان ونور.. محمد علي باشراحيل إنموذجا

> اضفت الادارة البريطانية على الوضع في عدن مسوحا ليبرالية، تجلت أكثر بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945 م بعد ان تهيأ لعدن مكانا جيو - سياسيا مهما في المنطقة بعد خروج الهند من تحت نفوذ الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. 
محمد علي باشراحيل
محمد علي باشراحيل


  لا نريد ان نبالغ بإضفاء صفة الديمقراطية للدولة المستعمرة (بكسر الميم الثانية) على الشعوب المستعمرة (بفتح العين والميم) فالديمقراطية الغربية؛ حصيلة الثورة الصناعية وتحرير السلعة بما في ذلك الكلمة من القيود، انما كانت تكال بصواع الملك لشعوب اوروبا دون سواهم.  وعندما ذهبت السفن الحربية الغربية جنوبا انما كانت تحمل المدفعية عوضا عن الديمقراطية للشعوب التي وقعت تحت سلطانها في عملية مبكرة لسياسة الكيل بمكيالين والقائمة حتى الساعة.

وما نريد قوله بل وتأكيده ان (عدن) كانت بيئة قابلة للتزاوج الثقافي والفكري بمصوغات ديمقراطية او في حدها الادنى ليبرالية، مستغلة المسموح للوصول الى الممنوع. فالصورة المكتظة بالحركة في عدن هي تكثيف انساني ابداعي لطموح ابناء عدن لنهضة شاملة في السياق الانساني الاجتماعي من منظمات المجتمع المدني المدهشة الى النقابات العمالية وظهور وازدهار الاغنية العدنية الى التعليم والتنظيمات الحزبية والسياسية وطبعا ظهور الصحافة العدنية (شمسان) عدن الثاني. كل ذلك بفضل ما تهيأ لعدن من تطور اقتصادي لا تخطاه العين بعد الحرب العظمى الثانية.
 
كل ذلك كانت مجرياته تتم بطموح رجال افذاذ لم ينصفهم التاريخ بعد، بل ان التاريخ المزيف بعد الاستقلال الوطني في نوفمبر 1967م قد اساء لهم وايما اساءة مثل عبدالرحمن جرجرة ومحمد علي لقمان وعلي محمد علي لقمان وعبدالله الاصنج وباسندوه والعوبلي وال حسن علي والقائمة تطول.
  لكن الرجل العصامي البار محمد علي باشراحيل (4 ابريل 1919- 21 فبراير1993م) كان أنموذجا حيا ونابضا بالعمل السياسي والاجتماعي والثقافي في فترة كانت عدن فيها درة مدن البحار جميعها.

ولسنا بحاجة للتعريج على مناقب الرجل فهي من الكثرة بحيث لا يحتملها هذا الحيز الممنوح في صحيفته "الأيام". ولكننا بصدد التوقف والتمعن معا في تأسيسه لمدرسة صحفية أهلية قائمة حتى اليوم واعني مؤسسة و دار "الأيام" وقد اصبحت "الأيام" على عهده من 1958- 1967م ايقونة التي اكتسحت شارع الصحافة في عدن في الستينيات الماضية من القرن العشرين، وهي العشرية الثورية التي ضجت بوقائعها عدن والجنوب وتراجع صداها من شرق المعمورة الى غربها  ومن شمال العالم الى جنوبه وكان الباشراحيل الكبير محمد علي، في عين العاصفة ماض بخطى الواثق في درب التحرر من الاستعمار عاكسا في صحيفته رؤية السواد الاعظم من الناس على أساس ان الفترة تلك هي فترة طي صفحة الاستعمار واعادة الاعتبار للشعوب التواقة للتحرر من ربقته في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، مؤيدا في وضوح تام خطى الزعيم الخالد جمال عبدالناصر كما عكسته لنا صحيفة "الأيام" في تلك العشرية.

 لكن ذلك لم يشفع لـ "الأيام" ورائدها، كما لم يشفع للصحافة العدنية ونضالاتها فأغلقت الصحافة بأمر للمراجعة من قبل سلطات الاستقلال لن يتجاوز الاسبوع، واستمر ساريا لمدة ثلاث وعشرين سنة، ليكون الصوت الواحد المخزي عنوان دولة الاستقلال.

  لكننا نقف باحترام واجلال للاب المؤسس الاستاذ الكبير محمد علي باشراحيل، الذي جعل من صحيفته الأهلية "الأيام" مؤسسة ترتقي الى المدارس الصحفية في الوطن العربي مثل "روز اليوسف" التي اسستها السيدة روز اليوسف وتخرج منها عمالقة الصحافة المصرية على ومصطفى امين، وتتجاوزها عمرا بعد ان انفض عقد (روزه)، كمؤسسة أهلية بعد الثورة المصرية.

لتعود "أيام" محمد علي باشراحيل بعد انقطاعها القسري على يدي نجلي المؤسس الأستاذ الكبير هشام واخيه الاستاد تمام محمد علي باشراحيل، في فترة دولة الوحدة التي ماتت بعدوان طرف الوحدة الشمالي على الجنوب عام 1994م لتكون "الأيام" هشام و تمام، منبر الدفاع عن عدن والجنوب وصوت لمن لا صوت له، وتعرضت لضريبة فادحة من ارهاب الدولة ومازالت على خط النار صامدة واقفة وقابضة على نهج مؤسسها الكبير - رحمة الله عليه - ينضاف الى هيئتها المنافحة عن الحق الجيل الثالث من أبناء الباشراحيل، الاحفاد تحت رعاية عمهم الاستاذ المناضل تمام باشراحيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى