ما بين 2015 م - 2030م تتأرجح تطلعات عظيمة، فقد كان وما زال المشروع العملاق للأمير الشاب والطموح سمو ولي العهد السعودي، للوصول ببلاده إلى مصاف الدول العظمى، وتحويلها من الهياكل الاقتصادية الصغيرة إلى اقتصاد مؤسسات واتحادات عملاقة، وتحويله من سوق مستورد للبضائع الجاهزة للاستهلاك ومصدر لمواد الخام الطبيعية بحالتها الأولية إلى اقتصاد جاذب للتكنولوجيا الحديثة ومنتج لاحتياجات السوق الوطنية من البضائع ومصدر لها، هذه التطلعات العظيمة لبلد في منطقة كانت بدايات هذا التفكير فيها في عقلية محمد بن راشد حاكم دبي، الذي نقلها إلى مصاف المدن العالمية بدعم أبوظبي.
وبإرهاصات محدودة ظفر الحوثي بانقلاب على السلطة المهترئة في صنعاء، في ظل الدولة الفاشلة واهتزت المنطقة من جراء ذلك الارتجاج و بالضربة الأولى كانت المملكة قد تخلصت من سلاح الجو اليمني و الرادارات، وأصبحت سماء اليمن مباحة أمام دول التحالف الذي بُني على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2216، في الوقت نفسه كانت هياكل السلطة المهترئة التي أسمت نفسها باعتراف دولي بالشرعية اليمنية، قد انقسمت بين مؤيد للانقلاب بقي في صنعاء، ومعارض له غادر إلى عدن عاصمة الجنوب العربي، وإلى عواصم أخرى عديدة، كانت دول التحالف تفكر في الاعتماد على ذلك القسم من الشرعية لكسر الانقلاب المدعوم من إيران، و لاستعادة السلطة المهترئة في صنعاء، لكن ذلك الطموح تبدد تدريجيًا بفساد وخذلان لا نظير له.
وكانت المقاومة الجنوبية البطلة تقدم التضحيات دفاعًا عن الأرض والعرض وعن أمن وهوية المنطقة، وتحقق الانتصارات تلو الانتصارات التي كادت في لحظة معينة أن تخطف منها ذاك النصر، تلك المسماة شرعية، والتي لم تعد تملك من شرعيتها غير الاعتراف الدولي وسفارات تعج بالموظفين والفساد ونازحين ولاجئين يستولون على كل مقدرات المناطق المحررة، وهي عمليًا (الجنوب) والدعم الدولي والإقليمي، وخصوصًا دعم التحالف العربي بفساد لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلًا في أي مكان في العالم إلا في عراق ما بعد صدام، وتحت شعار كسر الانقلاب الحوثي والمشروع الإيراني واستعادة صنعاء. مرت أغلب سنوات ما بين 2015-2030م و أهدرت إمكانات ضخمة وتعذب الشعب اليمني وشعب الجنوب العربي وتعرقلت تطلعات الأمير نحو 2030م وتراجعت قدرة المشردين من صنعاء (الشرعية الشمالية) على الترويج لشرعيتهم ومحاربة الحوثي، بل كانت ضربات الحوثي في أراضي الجنوب لمنصات تصدير النفط، وتهديده لمنشآت النفط السعودي، وأخرج منصات تصدير النفط في الضبة وبلحاف عن الجاهزية، وأوقف تصدير نفط الجنوب، الذي كانت تستثمره حكومة الشرعية الفاشلة و الغارقة في فسادها. وشعر الأمير بتهديد حقيقي لتطلعاته إلى عام 2030م في ظل يأس من تحقيق أي نصر، بالاعتماد على الشرعية الشمالية الفاشلة، فذهبت دول التحالف إلى التفاوض مع الحوثي في لحظة اعتبرها الحوثي ذهبية، لإنقاذه من سقوط أخلاقي وسياسي، واقتصاد كاد أن يسقط في وحله دون أن يعلنها، بل تقمص زهوة النصر، وكانت للوساطة الصينية بين المملكة العربية السعودية وإيران أيضًا دوافع محركة ومصلحة ثلاثية، انفراجة لإيران المحاصر من الغرب ونقلة في طريق الحرير الصيني، وإنقاذ لمشروع ولي العهد إلى العام 2030م ورابعة للحوثي في إنقاذه في آخر لحظة.
وفي الوقت الذي تفكر فيه المملكة بخطة 2030م فإن الحوثي يفكر إلى ما بعد ذلك وتفكر الشرعية الشمالية بعدن بدلًا من صنعاء، وكان الأجدر بها ولمصلحتها ولمصلحة الجنوب الذي احتضنها أن تفكر في صنعاء وتترك الجنوب لأهله، وخلفية لها تدير ظهرها إليه بأمان وهي متجهة إلى صنعاء، لكن بئس التفكير، وبئس الأهداف والتطلعات تلك التي تعشعش في أفكارهم، فلن يظفروا بصنعاء ولن يظفروا بعدن.