لعنة التقاعد في عدن

> قيل إن وزيرًا زار أحد السجون وحين سأل عن مخصصات السجين من الغذاء اليومي قيل له إنه يساوي دولارًا واحدًا، فقال هذا قليل، وحين زار إحدى رياض الأطفال قيل له إن مخصص الغذاء اليومي للطفل الواحد عبارة عن دولارين، فقال هذا كثير.

بعدها قرر بأن يخصص للسجين دولارين ولطفل الروضة دولارًا واحدًا، وحين سأله أحد معاونيه لماذا فعل ذلك قال: (عندما نترك السلطة سنذهب إلى السجن وليس إلى رياض الأطفال).

صحيح أن لا أحد يذهب إلى السجن في بلادنا مهما أفسد، لكن هذا الوزير جاب من الآخر، فكل مسؤول تربع في غفلة من الزمن سيجد نفسه منفيًا، لهذا لا يخدم الوطن والناس، وإنما يعمل لمنفاه، فلا أحد منهم يفكر في البقاء في الوطن.

بعد أن امتصت سلطة معاشيق وذيولها دماء الناس في الجنوب، على وجه الخصوص، بالتضخم وبزيادات مجنونة في أسعار الوقود وبتقديم المواطن (كزبون قسري) للبنوك وشركات الصرافة، وفي (الأغلب فإن هذه البنوك الخاصة خدماتها محدودة الانتشار وموظفيها يتعاملون مع الزبون كمتسول)، ها هو ذيل من ذيول سلطة معاشيق يلتفت إلى الشريحة الأضعف والأكبر في المجتمع وهم المتقاعدون، وهي الشريحة التي دفعت ثمن الوحدة والغزو.

المتقاعدون هم الأقل أجرًا، وأكثرهم تمت إحالتهم للتقاعد قسرًا بفعل خصخصة مؤسسات الجنوب، وتم تشكيل لجنة من القضاة والخدمة المدنية لتسوية أوضاعهم، وها نحن الآن ندلف إلى العقد الثالث من السنوات دون أي تسويات.

البريد مؤسسة رسمية لا تمنح عمولات، فيما البنوك الخاصة وشبيهاتها يمكن أن تمنح عمولات، أما الحجج الواهية التي حملها بيان الهيئة والخدمة المدنية فهي ذر للرماد على العيون، فرهن دفتر المعاش لدى التاجر يعني أن المتقاعد يريد إطعام من يعيلهم بانتظار (فتات أجر)، أما مسألة كون البريد يتبع صنعاء، فهناك جهات بموارد ضخمة تتبع صنعاء كالاتصالات الأرضية، وخدمة الإنترنت، ورسوم مرور الطائرات في الأجواء اليمنية، وشركة يمن موبايل، وهي الشركة الوحيدة العاملة في عدن بعد إغلاق الشركات المنافسة.

وهكذا فإن معنى هذا الإجراء التعسفي في بطون من اقترحوه، الذين سيجدون أنفسهم يومًا في طابور التقاعد، ولا توجد أي مصلحة للمتقاعدين فيه على الإطلاق.

ألا يوجد عاقل رشيد في هذا اللمم، يدرك معنى أن تطلب من مواطن ثمانيني أن يتنقل من مقر سكنه إلى مناطق بعيدة ليتسلم معاشًا لا يغطي أجرة التنقل؟

هذه مناشدة إلى دولة رئيس الوزراء د. أحمد بن مبارك، بالتدخل العاجل لإلغاء هذا الإجراء الذي يمس أضعف وأكبر شريحة في المجتمع وهم المتقاعدون، فهؤلاء لا يملكون القدرة البدنية أو المادية لمتابعة البنوك الخاصة محدودة التواجد، عوضًا عن مكاتب البريد المنتشرة في كل الأحياء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى