لم يكن لـ"ليمن الجنوبية" وجود سياسي ولا وطني في "الجنوب العربي" إلا بعد عام 1967م، بدأ بتحويله الى "ج . ي . ج ش" على مسؤولية الجبهة القومية التي سلمتها بريطانيا الاستقلال وبنص وثيقة الاستقلال، بل إن الحركة الوطنية في الجنوب العربي أدخلته أروقة الجامعة العربية ودول عدم الانحياز والجمعية العامة للأمم المتحدة بذات المسمى وكان قرارها بتصفيته من الاستعمار بنفس المسمى.
أتحدى أي وحدوي جنوبي أو توسعي يمني أن يأتي بوثيقة يثبت فيها أن مسمّى الجنوب العربي هو مسمى اليمن الجنوبية إلا بعد مؤتمر صحفي للإمام أحمد حميد الدين في منتجعه في "السخنة" عام 1955 أو 1956 وسمّى الجنوب العربي "اليمن الجنوبية" في سياق النظرة التوسعية الأمامية، فتلقفها القوميون ثم بدأ إنكار تاريخ الجنوب العربي وتجد من الوحدويين الجنوبيين أو التوسعيين اليمنيين من يجعل مسمّى "الجنوب العربي" أنه مسمى أطلقته بريطانيا، مع أن بريطانيا احتلت مصر وظل اسمها مصر ما غيرتها، وكذا السودان والعراق...إلخ واحتلت الهند وما غيرت اسمها... إلخ الدول والشعوب التي احتلها الاستعمار إلا الجنوب العربي فإنها غيّرت مسماه.
عندما لا توصف الحالة بمصداقية ويلفقونها يؤول الحال إلى صراعات، فالكذب والتلفيق وبعث الطائفية كريهة وقد أذعن لها معظم اليمن ليس حبًّا فيها بل لمسلسل الأكاذيب الوطنية التي ظلت تتناسل منذ انقلاب سبتمبر.
يكتب أحدهم أنه ترأس لجنة تقصي حقائق في مجزرة "ردفان" وأنه قدّم تقريره للجهات الوحدوية بأن الناس هناك وحديون لا تشوب وحدويتهم شائبة، وهو لا يفتري فقط بل يبهت والبهتان أشد من الكذب والافتراء، فلو أنه وثّق ما جرى بشفافية وبصدق وبدون تحيّز فيمكن أن تثق الناس بمصداقية مؤسسات الوحدة حتى ولو أنهم يغيرون "العداد على المزاج" لكن ذلك المتقصي الذي مازال يتغنّى بالوحدة كان مجرّد مخبر تافه كلفوه بلجنة عنوانها الحيادية فـ"خرا فيها" على وصف محمد الفسيل.
لن أقول سلام الله على 22 مايو فهو ذروة المغامرة الساذجة غير المحسوبة العواقب للوحدويين في الجنوب العربي وذروة الكيد والافتراء تلقّفه التوسعيون اليمنيون ويكذب من يقول أن القلوب توحدت وأن الحرية أشرقت فهي من البروباغندا الموجهة يفضح كذبها وزيفها وصف الجنرال التوسعي علي محسن الأحمر بأنهم "أداروا الجنوب بالاستعمار " وقوله أصدق ممن وصفوه بيوم الحرية لأنه جزء من منظومة الاحتلال نفسها.
أما"ممكيجو" الاحتلال فلن نقول لهم أنه بعد اجتياح الجنوب غيّر التوسعيون اليمنيون "80" مادة من الدستور الوحدوي، لماذا؟ ولن نطالبهم باحترام كرامة الشهداء ولا أن ينتخوا حين سموا الجنوب العربي "هنود وصومال" فهذا لا يثير حرارتهم؛ بل نقول لهم انظروا كيف عاملوا الرئيس "عبدربه منصور هادي" وهو رئيس انتخبوه، بمعايير دستورهم الذي غيّروه، وانظروا كم تسميات أطلقوها عليه أسموه"صاحب أبين"، وأسموه"الجنوبي" وأسموه الرئيس "التوافقي" وأسموه الرئيس"المؤقت" وأسموه الرئيس "المنتهي الصلاحية" وكأنه "علبة طماطم منتهية" مع أن كل سلطاتهم من نواب وشورى وحتى قيادات الأحزاب انتهت صلاحيتها قبله ومازالوا يجددونها.
إن تجربة وحدة 22 مايو لم تنتج على مدى أكثر من ثلاثة عقود سوى الخراب والحروب والدمار والفشل لأن ما بني على باطل فهو باطل ولن يزول الباطل إلا بإحقاق الحق شاء من شاء وأبى من أبى.