> هشام عطيري:

لا شك أن مدينة الحوطة بمحافظة لحج تكتنز العديد من المعالم التاريخية التي تعود لفترة السلطنة العبدلية. هذه المعالم التي لا تزال مجهولة لدى الكثير من المهتمين والمختصين، لم تحظَ بالاهتمام والبحث الجاد لكشف أغوارها وتسليط الضوء على تاريخها العريق. في هذا التقرير سنستعرض أبرز هذه المعالم، مسلطين الضوء على أهميتها التاريخية، والحاجة الملحة للحفاظ عليها ودراستها بشكل علمي ومنهجي. سنتناول أيضًا بعض الشهادات والآراء من الخبراء والمختصين حول كيفية استغلال هذه المعالم التاريخية لتعزيز الهوية الثقافية والتاريخية لمدينة الحوطة ومحافظة لحج بشكل عام.
  • أنفاق العبادل
تتحدث العديد من الروايات، خصوصًا من قبل المواطنين كبار السن، عن وجود أنفاق تربط بين قصور العبادل في مدينة الحوطة بمحافظة لحج. هذه الأنفاق التي تم بناؤها في فترات زمنية مختلفة، تتميز بتصميمها الفريد، ولا يزال بعضها قائمًا حتى اليوم، ومع ذلك فقد انهارت أو تدمرت بعض هذه الأنفاق بسبب التوسع العمراني في المدينة، والذي لم يراعِ أهمية الحفاظ على هذه المعالم التاريخية. يظل الكشف عن هذه الأنفاق ودراستها من المهام الضرورية للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة.
  • قصر الروضة
في قصر الروضة أحد القصور العبدلية الشهيرة تحول مع أراضيه الزراعية المجاورة إلى موقع علمي وبحثي تابع لكلية الزراعة، بعد أن وهب السلطان علي عبدالكريم العبدلي قصر الروضة والأراضي الزراعية التابعة له للعلم، يوجد أحد الأنفاق التي لا تزال صامدة حتى اليوم. هذا النفق يعد شاهدًا على التاريخ الغني للسلطنة العبدلية، ويعكس روعة الهندسة والبناء في تلك الفترة. على الرغم من مرور الزمن، فإن هذا النفق بقي محافظًا على حالته الجيدة، مما يعزز الحاجة إلى دراسته والحفاظ عليه كجزء من التراث الثقافي لمحافظة لحج.
  • من القصر إلى القصر
د. مازن الكازمي عميد كلية الزراعة بجامعة لحج أشار إلى أن الأنفاق مازالت موجودة في قصر الروضة وتصل إلى قصور أخرى ومنها قصر دار الحجر.

قصر دار الحجر
قصر دار الحجر

وأشار د. الكازمي إلى أحاديث لكبار السن وتأكيده بوجود تلك الاتفاق.

يؤكد د. مازن الأهمية التاريخية لهذي الأنفاق التي لم تكتشف حتى اليوم وهو ما يتطلب من الجهات المختصة دراسة وبحث تاريخ الأنفاق في مدينة الحوطة، مشيرا إلى أن قصر الروضة وملحقاته بحاجة إلى تأهيل حيث يعد القصر أحد المعالم التاريخية للمحافظة.
  • نفق القصر
على بعد أمتار من القصر يوجد مدخل نفق تم الدخول إليه لنجد أن هذا النفق مازال في حالة جيدة رغم مرور الزمن، حيث تشير بعض المصادر إلى أن هذا النفق قد يكون نفقا رئيسيا ترتبط به عدد من الأنفاق عبر بوابات قديما لم نجد لها أثرا أو معلما، واستخدم هذا النفق في فترة من الفترات ما بعد الاستقلال ملجأ وسجنا ومخزنا للحبوب.
  • فقدان معالمها
يقول زايد عياش أحد المهتمين بتاريخ لحج، إن تاريخ إنشاء الأنفاق ووجودها في لحج يحتاج من مختصين وباحثين دراسة حقيقة تلك الأنفاق وفق خرائط، مشيرا إلى أن نفق قصر الروضة يبدأ بغرفة كبيرة جدا قد تمتد أو تتفرع لأنفاق أخرى في تلك الفترة الزمنية، لكن يلاحظ أن الأنفاق أغلقت بالأحجار وتم فقدان معالمها حيث تعرضت للتخريب، والأنفاق أو السراديب تعد الأولى التي بنيت في حكم السلطنة العبدلية.


وأشار زايد إلى أن لحج توجد فيها الكثير من المعالم التاريخية والكثير من المدلولات التاريخية التي تحتاج إلى تحرك الجهات المختصة للحفاظ على ما تبقى منها، لافتا إلى أن الأنفاق ارتبطت بتاريخ السلطنة العبدلية، حيث تمت الاستفادة منها أثناء الحرب العالمية الثانية.

وكشف زايد عياش أن الأنفاق لا تقتصر على قصور العبادل في الحوطة، بل هناك بعض القرى التي أنشأت أنفاقا بشكل بسيط وإمكانيات محدودة، مشيرا إلى أن تلك الأنفاق وسيلة للحرب والسلم، وأن أحد الأنفاق ارتبط من قصر الروضة إلى قصر دار الحجر وعدد من القصور العبدلية.


وطالب زايد عياش بالحفاظ على كل معالم وتاريخ لحج ومنها الأنفاق التي تعرضت للانهيار بعضها بسبب تدفق مياه الأمطار، مؤكد أن حتى اللحظة لا توجد معلومات عن الأنفاق سوى حديث لمواطنين عاصروا فترة زمنية معينة وهي لم توثق تاريخيا وبشكل علمي ومنهجي.
  • قيمة تاريخية
المواطن طه الفقيه أشار إلى القيمة التاريخية لتلك الأنفاق والقصور والمعالم التي كانت تستخدم أيام الحرب العالمية الثانية ولا تزال بعضها موجودة حتى اليوم، وأوضح أن العديد من هذه الأنفاق قد تعرضت للتدمير وانتهت معالمها بسبب عوامل الزمن والإهمال. تسليط الضوء على هذه المواقع يعكس أهمية الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمدينة.
  • تاريخ غائب
الأنفاق تاريخ لا يزال غائبًا يحتاج إلى تحرك مختصين ومهتمين لتبيان حقيقة تلك الأنفاق ووجودها من عدمه.


هذه الأنفاق ارتبطت بتاريخ لحج وتستدعي جهودًا بحثية مكثفة لكشف النقاب عن تفاصيلها ومراحل بنائها واستخداماتها عبر العصور. إن العمل على توثيق دراستها سيضيف الكثير إلى المعرفة التاريخية للمحافظة ويسهم في الحفاظ على تراثها الثقافي الفريد.

تظل مدينة الحوطة في محافظة لحج شاهدة على عصور مضت وأحداث تاريخية غابرة، تحكي قصصًا لم تُروَ بالكامل بعد. إن فترة السلطنة العبدلية كانت مرحلة هامة من تاريخ هذه المدينة، تاركةً خلفها معالم أثرية تحتاج إلى استكشاف ودراسة دقيقة. من بين هذه المعالم تبرز الأنفاق التي تربط قصور العبادل، والتي تم بناؤها بطرق معمارية فريدة في فترات زمنية مختلفة. هذه الأنفاق التي لا تزال بعض معالمها قائمة حتى اليوم تعاني من الإهمال وتدمير جزئي بفعل التوسع العمراني غير المدروس.


ويمثل هذا التقرير دعوة ملحة للجهات المختصة والمجتمع المحلي للاهتمام بتاريخ مدينة الحوطة ومعالمها الأثرية، وخاصة الأنفاق العبدلية. هذه المعالم ليست مجرد هياكل تاريخية، بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والتاريخية للمحافظة. يجب أن تكون هناك جهود حثيثة للحفاظ على ما تبقى من هذه الأنفاق ودراستها بشكل علمي ومنهجي، لضمان بقاء تاريخ لحج حيًا ومؤثرًا للأجيال القادمة. الحفاظ على هذه المعالم هو حفاظ على تراثنا وهويتنا، ومهمة يجب أن نتشاركها جميعًا، مختصين ومهتمين وسكان محليين، لتحقيق مستقبل يقدر الماضي ويحفظه للأجيال المقبلة.