من الممكن وضع حد له بشكل سريع، لو غيرنا فكرة الحرب في أذهاننا إلى فكرة أعظم منها ألا وهي فكرة المحبة والسلام وبتبديل الخطاب اليومي الذي مللنا من سماعه وفيه الإشارة عن رجلين الشهيد والعدو، وتجديده بالتركيز على مفهوم التسامح.

نعم، فعندما ينتهي الحرب سينهض اليمني مستنداً على نقاء فطرته وطيبته وتسامحه، ليعود إلى عناصره الأولية وهي المحبة والكرم والشهامة ونبل الأخلاق.

هذه الطيبة هي القانون الذي سيكبح سلاحه، وهي الحاجز الذي سيمنع تسلل الأحقاد والثارات إلى المستقبل ويضاعف استعداده للتسامح -وهو من أعمق الجينات الوراثية فيه- ليكون الضابط اليومي لأخلاقه.

اليمني إن كان طفلاً، شاباً، بالغاً أو كهلاً فهو متواضع، قامته محنية، يفسح المكان لغيره، دمث الخُلق، يرتبك عندما يتحدث، وينسى عندما يتذكر، ويتحدث عن الأصدقاء أكثر من حديثه عن الأعداء، يخشى المرأة ولا يتسامح إزاء إهانتها، يرتجف أمام البحر إن كان قادماً من الجبل، ويضطرب نومه إن قدم إلى الجبل من الصحراء.

الأشياء الجديدة تربكه، بطل المواقف الصعبة. إنه شعب الشعوب العربية سينهض من جديد ولكنه في هذه المرة بدلاً من أن ينقل السلاح من كتف إلى كتف للقتال ضد نفسه فإنه سيمد يده لمن حوله للعمل بشكل فعال من أجل بناء مستقبل أفضل، وبذلك سيتجاوز التسامح نحو التعايش ومن قبول الاختلاف إلى العمل المشترك وبناء جسور الوحدة والوصال مع الجميع.

إن التسامح يتطلب قبول واحترام الاختلافات دون محاولة تغيير الآخرين، بينما التعايش يتطلب اتخاذ خطوات عملية للتفاعل الإيجابي والعمل مع الآخرين نحو مستقبل مشترك.

التعايش هو خطوة متقدمة بعد التسامح، حيث يتجاوز مجرد القبول إلى بناء علاقات تعاونية ومثمرة بين الأفراد والمجتمعات.

إن التسامح وحده لا يكفي، نحن نحتاج اليوم إلى التعايش لبناء مجتمع متكامل ومزدهر، متماسك ومستدام، ودمتم سالمين.