ثورة الجيش في الشمال حدث عظيم.. حدث طوى آخر صفحة في تاريخ نظام حكم رجعي مزق قوى الشعب وأحالها حطاماً لا تقوى على الحياة.

حدث سجل بالدماء أول صفحة من صفحات المجد في تاريخ شعبنا الحديث بتأسيس جمهورية يمنية يصبح الشعب وحده هو صاحب الحق فيها.

إن التاريخ يمهل، وقد تطول فترة الإمهال هذه إلى حد قريب جداً من اليأس، ولكن التاريخ لا يهمل إنصاف الشعوب ولا يدعها تصل إلى درجة اليأس في أن يكون لها نصيب وافر من الحياة الإنسانية الكريمة.

هذا ما حصل في اليمن.. رجعية واضطهاد في الشمال واستعمار وحرمان لحقوق الإنسان في الجنوب.. نظامان من الحكم يستمدان بقاءهما من مساندة الواحد منهما للآخر.

إن الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم تشير بوضوح إلى أن إطاحة الرجعية في الشمال تعري نظام الحكم في الجنوب.. وهي إيذان بدنو زواله هو الآخر لكي يتمكن الشعب في المنطقة ككل من إرساء قواعد وحدة وطنية متماسكة توفر للشعب مقومات الحياة الحرة الكريمة.

إننا ننظر إلى ثورة الشمال باعتبارها ثورة الشعب اليمني بأجمعه.. ثورة يتردد صداها في كل طرف ناءٍ من أرض الوطن الحبيب.

لقد أنصفنا التاريخ. ومن سواه كان من الممكن أن ينصفنا؟ لقد أمدنا بروح ثائرة تهدم الماضي البغيض لتبني على أنقاضه حاضراً مشرفاً نستطيع أن نورثه لأجيال المستقبل بالعزة والفخار.

إن المعركة أمامنا طويلة وثورة الشمال هي نقطة التحول في تاريخنا.. وفي سبيل ذلك لا يكفي أن نباركها فحسب بل يجب علينا أن نقف إلى جوارها بالتضحية والروح والفداء حماة يصونونها ويحمونها من عبث العابثين ومن حقد الطامعين الذين يرون فيها زوالهم ونهايتهم.

"الأيام" العدد 1275 في 30 سبتمبر 62م