> "الأيام" العرب اللندنية:

​موسكو – قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الجمعة إن الأولوية الآن هي للتوصل إلى وقف لإطلاق نار دائم في غزة، وذلك ردا على سؤال عن إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في إشارة واضحة إلى أن ما يهم السعودية هو وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق يخفف معاناة السكان ويؤمّن دخول المزيد من المساعدات، وأنه لا يمكن الحديث عن تطبيع في قلب الحرب.

ويتزامن حديث الأمير فيصل بن فرحان عن أولوية وقف إطلاق النار مع حديث متزايد عن قبول إسرائيل وحماس مبادرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف المعارك مرحليا بهدف إطلاق سراح الرهائن وتخفيف المعاناة عن سكان القطاع.

وفيما يقول ترامب إن الإسرائيليين قد قبلوا بالمبادرة ما تزال حماس تتلكأ في القبول وتجري مشاورات مع مختلف الفصائل ولا يعرف إن كان الهدف هو الإقناع بالمبادرة على قاعدة الحد الأدنى من المكاسب أم اتخاذ مشاورة الفصائل مظلة للرفض.

وعملت السعودية على إقناع الأميركيين بضرورة الدفع نحو التهدئة في غزة لأن استمرار القصف الإسرائيلي للسكان ومقتل العشرات يوميا وهم يسعون للحصول على المساعدات بدأ يخلق رأيا عاما عربيا وإسلاميا غاضبا على استهانة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأرواح الفلسطينيين وبالقانون الدولي، خاصة أن من يتم قصفهم لا يمارسون أيّ نشاط عسكري أو دفاعي، وهم يسعون فقط للحصول على المساعدات.

ويقول مراقبون إن استمرار هذا الوضع المأساوي ليس في صالح الولايات المتحدة ولا دول المنطقة، ولا بد من البحث له عن نهاية عبر وقف عاجل لإطلاق النار تحصل فيه إسرائيل على إطلاق سراح الرهائن ويحصل فيه الفلسطينيون على الأمن وحرية التحرك للحصول على المساعدات وفسح المجال أمام المنظمات الإنسانية للتحرك السريع لمواجهة الأوضاع الصعبة.

ورغم وقوف ترامب في صف إسرائيل في الحرب على حركة حماس، إلا أنه يريد الضغط لوقف إطلاق النار خاصة وقد سمع تقييمات من دول عربية حليفة عن ضرورة التحرك لإنقاذ الوضع.

وقد يكون استقبال الرئيس الأميركي لوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز في واشنطن الخميس على صلة بهذا الملف بدرجة أولى فضلا عن الرغبة في خفض التوترات في المنطقة بما في ذلك مع إيران.

وقالت شبكة “فوكس نيوز” الأميركية نقلا عن مصادر عدة إن المحادثات تناولت إنهاء الحرب في غزة والتفاوض على الإفراج عن بقية الأسرى الإسرائيليين، والعمل من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

وتتحرك السعودية من أجل خفض التوتر في المنطقة بشكل يشمل غزة وإيران، ويخلق مناخا لسلام حقيقي يمكن أن يوفر الفرصة للتطبيع كخيار إستراتيجي ملزم للجميع بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة، وليس تطبيعا شكليا يتم توظيفه لإظهار أن إسرائيل قادرة على كسر عقدة المقاطعة أو الانتظام في محيطها الإقليمي من دون أن تساهم من جانبها في القطيعة مع شروط الحرب.

وكان وزير الخارجية السعودي قال في 2024 إنه لا يمكن تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون تسوية القضية الفلسطينية.

وقال الأمير فيصل بن فرحان الخميس خلال زيارته إلى موسكو “ما نراه هو أن الإسرائيليين يسحقون غزة، سكان غزة المدنيين… لا حاجة لذلك أبدا وهذا غير مقبول على الإطلاق، ويجب أن يتوقف.”

ويخلق الموقف السعودي القوي والصريح بشأن مسؤولية إسرائيل المباشرة عن استهداف المدنيين ضغطا إضافيا عليها في ظل حديث عن ضغوط من ترامب من أجل وقف الحرب حتى لا تؤثر على المديين المتوسط والبعيد على صورة الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط.

لكن ذلك لا يعفي حماس من المسؤولية المباشرة عما وصل إليه الوضع بسبب هجوم السابع من أكتوبر وعرقلة مساع متعددة لوقف الحرب بشروط أفضل لها وللفلسطينيين.

ويجري حديث عن ضغوط قطرية جدية على حماس للقبول بمبادرة ترامب الجديدة التي هي امتداد لمبادرات مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وتقول أوساط فلسطينية إن الدوحة حذرت الحركة من أن هذه ستكون آخر فرصة من أجل التوصل إلى التهدئة وإن الفشل سيعني آليا تحمل حماس تبعات ذلك بدءا من تغيير الموقف القطري تجاهها خاصة أن الدوحة بدورها تتعرض لضغوط خارجية متعددة واتهامات لها بحماية حماس ودعمها وتشجيعها على التهرب من التوصل إلى التهدئة.

وأعلنت حماس الجمعة أنها تجري مشاورات مع الفصائل الفلسطينية بشأن مقترح جديد من الوسطاء لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، ما قد يمهد لمفاوضات جديدة من أجل وضع حد للحرب الدائرة منذ حوالي 21 شهرا في قطاع غزة.

وصدر هذا الإعلان قبل زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن حيث يلتقي الرئيس الأميركي الذي يمارس ضغوطا على الطرفين من أجل التوصل إلى هدنة.

وأعلنت حركة حماس باكرا الجمعة أنها “تجري مشاورات مع قادة القوى والفصائل الفلسطينية بشأن العرض الذي تسلمته” من الوسطاء.

وكان ترامب أكد الثلاثاء أن إسرائيل وافقت على وضع اللمسات الأخيرة على شروط وقف إطلاق النار لمدة شهرين في قطاع غزة، وحثّ حماس على قبول الاتفاق مؤكدا أنه بات قريبا.

وقال مصدر فلسطيني إن المقترح الجديد “يتضمن هدنة لستين يوما، وإفراج حماس عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء في مقابل إفراج إسرائيل عن أعداد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.”

ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الأربعاء إلى “عدم تفويت فرصة كهذه” للإفراج عن آخر الرهائن.