السبت, 12 أغسطس 2023
1,453
عند نقل صلاحيات الرئيس عبدربه إلى مجلس القيادة الجديد، كما كان مخططًا له من قبل الأطراف المعنية بالعملية السياسية في اليمن، والمهتمة بوقف الحرب المنسية، أن يشارك الحوثيون في هذا المجلس، ليكون حاملًا لعملية السلام الشامل، لكن هل كان هذا التفكير سليمًا؟ الأيام ردت على هذا السؤال بعد أكثر من عام، والأيام القادمة ستقدم توضيحًا دقيقًا لتلك الإجابة.
عمان التي تقول إنها الدولة الخليجية الوحيدة المحايدة في هذه الحرب، والتي تشبه في حيادها دول عدم الانحياز -أيام نهرو وجمال عبدالناصر (الحياد الإيجابي)- وإنها بشكل آخر، وفي اتجاه آخر، برزت في الفترة الأخيرة، كوسيط بين دول التحالف والحوثيين، ومن اللحظة الأولى للإفصاح عن ذلك الدور، ونقله من السر إلى العلن، اتضح من خلال الأطراف المختارة من قبل الدولة الوسيطة، أهدافها، وأما مآلاتها فكانت في إطار التوقعات ليس إلا، ولكنها الأكثر واقعية من أهدافها،
فالحالة اليمنية -كما يصفها مجلس الأمن الدولي- أكثر تركيبًا وتعقيدًا من أن تحل بين طرفي الحوثي والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وأعتقد أن العمانيين يدركون ذلك، لكن لا يريدون الغوص في ذلك التركيب والتعقيد، ظنا منهم ومن الطرفين المختارين أنهم قادرون على فكفكة هذه العقد، والقفز على الكل، والذهاب إلى فرض التسوية السياسية التي يريدونها، وكما هي الحالة في الدول الأقل نموا، في معالجة الأمور بعيدًا عن كل أطرافها و جوانبها، وخصوصا الدول العربية في تفكير خاطئ، وتقدير غير دقيق لجوهر المشاكل وأطرافها المتعددة، وطبيعتها الشائكة، واستخدام منهج التهميش لأطراف الأزمات الحقيقية، و ارتكاز الحلول على ما يلمع منها، وعدم الغوص إلى جذور المشاكل، ومعالجة تلك المشاكل الجذرية.
وكما أشرنا في مرات عديدة أن ما تعرف بالأزمة اليمنية، أطرافها متعددة، وجذورها عميقة، ومعقدة ومركبة، فالذهاب العماني إلى معالجة المشكلة بين الحوثي والسعودية، هي معالجات للنتائج وليست للأسباب، معالجة للنتوءات، وليس لجذور المشاكل، ويراد من تلك الحلول الآتي مضامينها من وراء البحار، أن تعيش المنطقة على نار تحت الرماد، ببقاء جذور المشاكل التي ما إن تهدأ الأمور لتعاود مرة أخرى، وتستمر المنطقة كمحطة بنزين.