أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 08:10 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • إصلاح البيت الجنوبي أصبح ضرورة

    قاسم عبد الرب العفيف




    تتسارع الأحداث من حولنا ومن بيننا وفي الجوار، ولكننا لا نرى تأثيرًا فعالًا على مسار قضيتنا الجنوبية، التي ظلت خلال أكثر من ثلاثة عقود تعيش حالة صراع مستمر، خسرنا المستقبل وتشردنا، ولكن أخطر ما يشعر به الجنوبي أنه مشرد في وطنه، كون مصيره وحياته تفرض عليه من قبل نظام آخر، لا يمت إليه بصلة، وكسر العادة في نمط الحياة التي عاشها الجنوبي قبل الوحدة، هي من أصعب القضايا التي واجهها الجنوبي خلال العقود الثلاثة الماضية، لأنه أجبر على نمط حياة جديدة أخرجته إلى عالم آخر، وجد نفسه وحيدًا مسلوب الإرادة مجهول الهوية، والتبس عليه التمييز بين الصح والخطأ، وأصبح المستقبل مشوشًا، ولا يرى في نهاية النفق أي ضوء يمكن أن ينير الطريق للأجيال القادمة.

    هذه ليست نظرة تشاؤمية، ولكنها الحقيقية التي يجب الاعتراف بها لكي نستطيع أن نضع الحلول لمعالجتها. فقد وفدت على مجتمعنا من وراء الحدود عادات متخلفة وسيئة، ضاع فيها احترام النظام والقانون. وسادت الفوضى في حياة مجتمعنا، من منا كان يعرف الرشوة، أو يتجرأ تقديم رشوة لمسؤول في الدولة، أو لأي موظف أو جندي في نقطة عسكرية، ومن منا كان يتجرأ على استخدام منصبه للسطو على أراضي الدولة، ومن منا من كان يتجرأ تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء حتى في منتصف الليل، حيث لا حركة مرور. ومن منا كان يعين الأقارب وأفراد الأسرة في المؤسسة التي يعمل فيها، من منا كان يتجرأ يأخذ أجرة الطقم من المواطن عند البلاغ في مراكز الشرطة، لكي يستدعوا غريمه، من منا... والقائمة تطول.

    ولقد كان للنظام والقانون هيبته واحترامه. الأخطر من ذلك أصبحت تلك العادات السيئة وسيلة حياة لمعظم الجنوبيين الذين هم في السلطة وخارج السلطة، إلا من رحم ربي، يتعاملون بها وكأن الأمر عادي، والأخطر من ذلك أنهم يعتبرونها من ضروريات الحياة والمنجهة، ومن لا يفعل ذلك -وهم قلة- يعتبرونهم أغبياء لا يفهمون أسلوب الحياة الجديدة.

    مع الأسف أصبح الكثير لا يفرق بين الحلال والحرام، ويمكنهم ممارسة هذه العادة السيئة والمنافية للدين والأخلاق، وهمهم مراكمة الثروة، ومع ذلك تجدهم يواظبون على الصلاة والصيام، وكأن الأمر عادي، كما نجد كلمة العيب قد تم شطبها من قاموس لغتنا، بل ومن حياتنا، ونجد الإنسان يعمل أي شيء ولا يبالي عندما يسمعها من الناس.

    الأخطر من ذلك بأن كل تلك الظواهر تظل تمارس اليوم دون خجل أو رادع من ضمير في حياتنا اليومية، وتعطي انطباعًا بأن ليس هناك أي تغيير، فقط ديمة قلبنا بابها!!! فالسؤال المطروح كيف يمكن بهذه العقلية الانتهازية سنستعيد دولتنا الجنوبية؟؟؟

    لذا أصبح من الضروري إعادة الحسابات، بل وإعادة ترتيب البيت الجنوبي قبل فوات الأوان.

    لابد من إعادة النظر في كل القيادات الفاشلة، والتي ظهر عليها الثراء الفاحش، والتي تمارس الابتزاز والسطو على الأراضي وممتلكات الدولة، والتي تمارس في نشاطها سلوكيات تخل بالوظيفة العامة ومنافية للنظام والقانون.

    كما لابد من محاسبة أي مسؤول أو موظف يقوم بهذا النشاط الهدام، ولا أحد يمكن أن يكون فوق القانون، ويتطلب تفعيل القضاء بشكل جاد.

    إعادة النظر في سلوك كل من يتحمل المسؤولية العامة صغيرًا كان أو كبيرًا من خلال الفحص الدوري لنشاط الفرد وسلوكياته في أداء الوظيفة العامة، وإن ظهر عليه الثراء يحال إلى لجنة تطرح عليه سؤال من أين لك هذا؟

    مثل هذه السلوكيات تظهر عندما تغيب الرقابة والمحاسبة، وقبل ذلك عدم اتباع الخطوات الصحيحة عند تعيين الكادر، وانعدام المفاضلة والكفاءة والخبرة وغيرها بين المرشحين للمنصب، ومن هنا يتطلب العمل على:

    - تفعيل العمل المؤسسي في هيئات المجلس الانتقالي، بحيث يحدد مهام ونشاط كل هيئة، وتوزيع المهام، وإعادة تفعيل روح جماعية القيادة عند اتخاذ القرارات المصيرية، والتعيينات في المناصب بما يكفل تحقيق الاختيار النوعي للكادر، وكذا مراعاة التوازن الوطني في كافة المؤسسات والهيئات والمرافق.

    - إعادة هيكلة القوات الجنوبية وبنائها على أسس وطنية وعلمية وعسكرية موحدة، والاستفادة القصوى من الخبرات الجنوبية، وإلغاء الفيتو بعدم إشراكهم في هياكل المؤسسات العسكرية والأمنية.

    - العمل على تحقيق السيطرة على الأرض باستخدام وسائل متعددة منها الدفع بالجماهير لتشكيل لجان الإشراف على مؤسسات الدولة الجنوبية، في كل بقعة من أرض الجنوب، والاستعداد لمواجهة أي طارئ في المستقبل، خاصة وقد اقترب موعد التسوية ونهاية الحرب، حتى لا نقع في المحذور بسيطرة قوى خارجية على مناطق بحكم الأمر الواقع.

    - التركيز في نشاطات القيادة الجنوبية على أن يكون مركز ثقل نشاطها في الداخل، وتكلف جهات محددة للعمل الخارجي، والأهم هو السيطرة والتحكم بالأرض والإيرادات وعدا ذلك تفاصيل.

    - محاربة الفساد من أولى أولويات القيادة الجنوبية، وتبدأ المحاربة من أعلى وحواليها، وبعدها تذهب لتحارب البقية الباقية، وإظهار النموذج النزيه، سيحل كافة الإشكاليات والتصرفات غير المسؤولة من الآخرين في الصف الأدنى.

    - مواصلة لجنة الحوار عملها في إجراء حوارات شفافة مع كل القوى الجنوبية من خارج المجلس، واستكمال ما تبقى في لم الشمل الجنوبي.

    - اتخاذ خطوات عملية سريعة، لمعالجة الظواهر السلبية في نشاط كل الهيئات السياسية والعسكرية والأمنية والإدارية، أولًا بأول دون تأخير، تعتبر صمام أمان للخطوات اللاحقة نحو تحقيق الاستحقاق الجنوبي، في استعادة الدولة الجنوبية الاتحادية.

المزيد من مقالات (قاسم عبد الرب العفيف)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال