منذ سنوات وأبناء الجنوب يسمعون الشعارات المتكررة عن تحرير صنعاء والقضاء على الحوثي وتحرير الشمال بالكامل غير أن الواقع على الأرض يكشف حقائق مختلفة تمامًا؛ فبدلًا من أن تتوجه الجهود فعلًا إلى الشمال لمواجهة الحوثي، نجدها تتجه نحو الجنوب، وكأن العدو الحقيقي لبعض الأطراف ليس الحوثي، بل أهل الجنوب.
لقد أبدى أبناء الجنوب صبرًا كبيرًا وطرقوا جميع أبواب الحلول الممكنة، وصبروا على أوضاع اقتصادية قاسية، مع ارتفاع الأسعار المتواصل وأزمات متفاقمة تضغط على كل جانب.
وعلى الرغم من أن الجنوب يتحمل الجزء الأكبر من الأزمات المتكررة، إلا أن تلك الأطراف لم تظهر أي توجهات جدية نحو إنهاء هذه الأزمات أو تحسين معيشة المواطنين؛ بل نرى محاولات لإطالة أمد المعاناة وكأن الجنوب يُعاقَب لثباته على قضيته.
وبينما تتصدر الشعارات الإعلامية مشاهد التحرير، تتزايد عمليات الاستهداف الممنهجة التي تُسلط على موارد الجنوب وثرواته، وكأن الهدف هو إضعاف الجنوب والسيطرة على مقدراته، بدلًا من توجيه الجهود نحو تحرير البلد بأكملها من قبضة الحوثي.
هذا الواقع لم يكن غائبًا عن أهل الجنوب، فهم يدركون تمامًا ما يحدث، ويدركون الأجندات التي تحاول بعض الأطراف فرضها عليهم. ولكن الرسالة واضحة: الجنوب لن يقبل أن يكون ضحية لهذه المخططات، ولن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الحروب التي تُشن عليه تحت ستار "تحرير صنعاء".
اليوم، أصبح أبناء الجنوب أكثر إصرارًا من أي وقتٍ مضى على الدفاع عن حقهم في تقرير مصيرهم.
لسنا دعاة فتنٍ ولا طلاب نزاعات، ولكن حين يُستهدف حق أبناء الجنوب وتُهدد قضيتهم، فإنهم لن يصمتوا.
الجنوب له قضية عادلة، وله تاريخ ومكانة لا يمكن لأحدٍ أن ينكرها أو يتجاهلها، وهذا الحق الذي آمن به أبناؤه لن يتخلوا عنه تحت أي ظرف كان، لأنه حق أصيل محمي بإرادة الشعب الذي يدرك تمامًا قيمة قضيته، ولن يسمح بالتنازل عنها مهما كانت التحديات.
إننا ندعو جميع الأطراف إلى العودة إلى جادة الصواب، وإعادة توجيه الجهود نحو عدو مشترك يهدد استقرار البلد بأسره. على الجميع أن يدركوا أن تحرير الشمال لا يمكن أن يتحقق على حساب الجنوب أو عبر إضعافه.
إن أي تجاهل لهذه الرسالة سيؤدي إلى مزيد من العزلة، ولن يحقق إلا مزيدًا من الفُرقة والصراع.
خاتمة:
إن عزيمة أهل الجنوب راسخة، وإيمانهم بقضيتهم أقوى من كل التحديات. وكما وقفوا في وجه الأزمات بعزم وإصرار، سيبقون صامدين ومدافعين عن حقوقهم حتى يتحقق الأمل بوطن حر كريم، يسوده العدل وتُحترم فيه الحقوق، بعيدًا عن أي استغلال أو تهميش.