أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 03:06 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • ​المفارقة العجيبة: سلطة تدعو شعبها للتظاهر ضدها

    اللواء سعيد الحريري




    ​في مشهد غير مألوف في تاريخ الأنظمة الحاكمة، نشهد اليوم دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي للشعب للتظاهر من أجل الضغط على الحكومة لتوفير الخدمات الأساسية. هذه الدعوة، التي يفترض أن تكون موجهة من المعارضة لا من السلطة، تعكس تناقضًا عميقًا في الدور الذي يلعبه المجلس كسلطة فعلية في الجنوب وكمدافع عن حقوق المواطنين في الوقت نفسه.
    • هل يمكن للسلطة أن تكون معارضة؟
    المجلس الانتقالي يتبنى خطابًا مزدوجًا؛ فمن جهة، هو جزء من السلطة السياسية في الجنوب بحكم سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن، ومن جهة أخرى، يقدم نفسه كصوت المعارضة الذي يدافع عن حقوق الشعب ويضغط على الحكومة لتحسين الخدمات. هذه الازدواجية تطرح أسئلة جوهرية حول طبيعة دوره ومسؤولياته، أهمها:

    من يتحمل المسؤولية؟ إذا كان المجلس الانتقالي يسيطر على عدن ومؤسساتها، فمن المنطقي أن يُعتبر المسؤول الأول عن توفير الخدمات وتحسين حياة المواطنين، وليس طرفًا يطالب نفسه بالإصلاح.

    من يُحاسب من؟
    عندما تدعو السلطة الشعب للتظاهر ضدها، تصبح العلاقة بين الحاكم والمحكوم ضبابية، إذ تختلط أدوار المسؤول بالمحاسَب.
    • أزمة الخدمات وتسييس المعاناة
    المواطن في عدن وبقية مناطق الجنوب يعاني من أزمات متراكمة: انقطاع الكهرباء، تدهور المياه، انهيار العملة، وارتفاع تكاليف المعيشة. بدلًا من العمل على إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمات، يكتفي المجلس الانتقالي بإلقاء اللوم على الحكومة الشرعية، متجاهلًا أنه شريك رئيسي في السلطة ويمتلك الأدوات والموارد لتحسين الوضع.
    • تحديات الانتقالي في إدارة الجنوب
    رغم سيطرة المجلس الانتقالي على مناطق واسعة، يواجه تحديات عديدة:
        1 . ضعف الإدارة: قلة الكفاءات الإدارية وسوء التخطيط يؤديان إلى فشل ذريع في إدارة الخدمات.
        2 . الأزمة المالية: الاعتماد شبه الكامل على الدعم الخارجي يضعف قدرته على تمويل المشاريع التنموية.
        3 . تعدد الولاءات: الانقسام داخل المجلس نفسه وبين قواته يضعف من وحدته وقدرته على اتخاذ قرارات فعالة.
    • التظاهر كأداة لتفادي المسؤولية
    دعوة المجلس للتظاهر يمكن تفسيرها كخطوة لتفادي المسؤولية ونقل الضغط الشعبي إلى الحكومة الشرعية والتحالف العربي. بدلًا من مواجهة المشكلات بحلول عملية، يلجأ الانتقالي إلى تحريك الشارع في محاولة لإعادة توجيه الغضب الشعبي بعيدًا عن قيادته.
    • رسالة للشعب
    المواطن الجنوبي يدرك جيدًا أن تحميل طرف واحد المسؤولية لن يحل الأزمات المتراكمة. المشهد السياسي في الجنوب بحاجة إلى مراجعة جذرية، تبدأ بتحمل كل طرف مسؤولياته بوضوح وشفافية، بعيدًا عن الخطابات الشعبوية والمزايدات السياسية.

    في النهاية، الشعب لا يريد شعارات ولا دعوات للتظاهر، بل يريد كهرباء، مياهًا، رواتب، وأمنًا. السلطة الحقيقية هي التي تتخذ القرارات لتحسين حياة الناس، لا تلك التي تهرب من مسؤولياتها تحت غطاء المعارضة.

المزيد من مقالات (اللواء سعيد الحريري)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال