الخميس, 06 فبراير 2025
1,449
نريد قيادةً تتعاون وتعمل كفريق واحد، تُنجز بشفافية وتُقدّم نتائجها دون تسويق فردي.
نحتاج قائدا لا يحتكر القرار، بل يُسهِم في بناء مؤسسات تُحاسب وتُشرك الكفاءات.
شرعية القيادة من إنجازات الفريق، لا من خطابات الاستعلاء الفردي.
إن الوهم الكارثي هو ثقافة القائد العظيم التي تُعلي من شأن الفرد على حساب المؤسسات، مما يجعل مصير الوطن رهينًا بقرارات شخص قد يخطئ أو يُفقد القدرة على استيعاب الصراع والفشل في خلق توازن بين ما هو سياسي وما هو وطني.
إن تركيز الصلاحيات في فرد واحد يُهمّش الكفاءات الأخرى، ويُحوّل المؤسسات إلى أدوات تنفيذية بلا رؤية مستقلة، ومع غياب الرقابة على القائد الفرد يفتح الباب للمحسوبية وإساءة استخدام السلطة.
ما نحتاجه اليوم فعلا قرارات تُبنى عبر تشاور مؤسسي (هيئات قيادية جماعية، وأخرى استشارية، مع فرق متخصصة)، توزيع الأدوار فيها حسب الكفاءة، لا حسب الولاءات الشخصية، مع إتاحة المعلومات للشعب، وتقديم تقارير دورية تُظهر الإنجازات والإخفاقات بوضوح ومحاسبة القيادات على النتائج لا على الخطابات، عندها لن نرى أحد فوق النقد، وسيصبح البقاء في المنصب مرتبط بقدرة تلك الهيئات على تقديم حلول ملموسة لما نواجه من حروب في كل المجالات.
فلنعيد بناء المؤسسات الجنوبية السياسية أولًا مع وضع أنظمة رقابة وتوازنات (مثل فصل السلطات، هيئات رقابية مستقلة) والالتزام بالأنظمة وتفعيل القوانين التي تُجرّم احتكار السلطة، ووضع معايير واضحة لاختيار القيادات (الكفاءة، النزاهة، القدرة على العمل الجماعي) وتكثيف برامج تدريبية لبناء أجيال جديدة من القادة الذين يؤمنون بالقيادة الجماعية.
عندها سيتوقف الجميع عن تبرير الاخفاقات التي تواجهها مسيرة شعبنا الجنوبي بـغياب القائد الملهم عندما يدرك الشعب وتتعلم الأجيال أن النجاح الحقيقي هو نجاح المؤسسات، لا الأفراد.
من دون شك هذا النوع من التفكير سيواجه مقاومة النخب المستفيدة من نظام "القائد الأوحد" مع صعوبة يمكن التغلب عليها برفع الوعي تغيير العقلية المجتمعية التي تبحث دائمًا عن "بطل".
القيادة الجماعية أو العمل بالفريق، ليست رفاهية، بل ضرورة للتعجيل بتحقيق هدف الاستقلال وبناء دولة الجنوب، وتنظيم مجتمعنا بعلاقات وطنية مستدامة وهذا الطريق هو الضامن الوحيد لعدم تكرار أخطاء الماضي، وتحويل السلطة من امتياز فردي إلى مسؤولية جماعية.