الاثنين, 10 فبراير 2025
561
أيام دولة الجنوب لم يكن للفساد وجود لعدم وجود البيئة الحاضنة له من الأساس، بل لم يكن هناك من كان يفكّر به لعلمه أن اليد التي ستمتد إلى المال العام سيتم قطعها، جندي كان يعمل في أحد المعسكرات موقع عمله مستودع المواد الغذائية سوَّلت له نفسه وأخذ صفيحة سمن، تم القبض عليه في بوابة المعسكر وتم التحقيق معه وإحالته للقضاء العسكري وصدر الحكم عليه بالإعدام ليس لجسامة الفعل ولكن عبرة للآخرين، كان ذلك في عهد الرئيس سالم ربيع علي سالمين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
لقد كانت سلطة صنعاء غارقة في الفساد، حيث قال عبدالقادر باجمَّال وكان حينها رئيسًا لوزراء حكومة الشمال: من لم يغتن في عهد علي عبدالله صالح لا يمكن له أن يغتني طوال حياته.
دخول الجنوب وحدة الخديعة والاستدراج عام 1990م وطلوع الجنوبيين من عدن إلى صنعاء لاحظوا الفساد وثراء الفاسدين! ومن نتائج حرب صيف عام 1994م الظالمة أن القادمين من الهضبة أثناء اجتياح الجنوب مارسوا الفيد والفساد بكل أشكاله وأنواعه وصوره: دمَّروا مؤسسات الدولة الجنوبية ومرافقها ونهبوا ممتلكاتها -استولوا على المباني العامة والخاصة - سيطروا على مساحات الأراضي الزراعية والبيضاء بالكيلو مترات ومساحات أحرام القرى وعلى المتنفسات وملاعب الأطفال - ردموا امتدادات البحر إلى الشواطئ ومتنفساته - قضموا الجبال ومارسوا في كل ذلك تجارة البيع والشراء وبناء الفلل والعمارات؛ بل ودمّروا كل ما هو جميل وحتى الأخلاقيات كذلك وتقاسموا البَر وثرواته والبحر وأسماكه وأحيائه ولم يبقَ سوى الهواء لم يستطيعوا السيطرة عليه!، لقد صار كل ذلك وهو «بيت القصيد» إرثًا لمن تناسل منهم وعدوى ربما تكون قد وصَلَت إلى بعض من أبناء الجلدة الجنوبية.
لقد عمّ الفساد البلاد وابتلع حقوق العباد وانتشر في كل المرافق والأجهزة والمؤسسات وحيث يَمَمْت ما أظهرته تقارير مراجعة الجهاز المركزي لحسابات بعض المرافق والمؤسسات من فسادٍ مذهل ووجود عبث فادح بالمال العام في مشروع وهمي لمصافي عدن ولم تكن بحاجة إليه المقدّم إلى مجلس القيادة الرئاسي وما حدث ويحدث في نفط وغاز حضرموت وشبوة أُنموذجًا لذلك.
لقد هلّت أنوار ربيع الجنوب في مكافحة واستئصال الفساد من حضرموت بعد أن بلغ الزبى وأنتج فقرا مدقعا وجوعا مفزعا وظلاما مخيفا وأمراضا مميتة.. الدولار يرتفع والعملة المحلية تنهار والأسعار تزداد اشتعالًا وبصورة مضطردة وغير مسبوقة تكاد تكون يومية والخدمات العامة والأساسية تتردّى ومن سيء إلى أسوَأ والمرتبات تتأخر وفي الغالب تترحَّل من شهر إلى آخر على تدنِّيها، راتب الموظف والجندي ستون ألف ريال ماذا عساها يفعل؟!، أثقلوا كاهل حياة الناس وضاعفوا من حجم معاناتهم وزادوا صبّوا الزيت على النار برفع أسعار الوقود وغاز الطبخ وأسعار الكهرباء متزامنًا مع انقطاع الكهرباء والماء وخروج محطات التوليد عن الخدمة بسبب نفاد الديزل!
وفي مواجهة كل تلك المعاناة وتمسكًا بالحق الوجودي حق الحياة الحرة والعيش الكريم هلَّ ربيع انطلاق ثورة الجياع من عدن الجريحة بكل مديريّاتها، وسيتواصل ربيع مكافحة واستئصال الفساد وثورة الجياع في بقية محافظات الجنوب، فالهم واحد والمعاناة واحدة..