الخميس, 13 مارس 2025
980
لطالما كان اليمن عبر التاريخ مهد الحضارات وأرض الرجال العظماء وموطن الشجاعة والصبر لم تهزمه الأزمات، ولم تنل منه المحن، بل ظل شعبه رغم المعاناة قادرًا على الصمود، يتحدى الجوع بالحلم، ويقهر الفوضى بالأمل. ومع ذلك، ورغم هذه العظمة الشعبية، نجد أنفسنا أمام معادلة غريبة؛ شعب قوي تقوده نخبة هزيلة، لا تملك رؤية ولا إرادة، بل تحوّلت إلى عالة على الوطن بدلاً من أن تكون قاطرته نحو المستقبل.
اليمن اليوم يُدار بعقليات لا تواكب العصر، بل بالكاد تفهم تعقيدات الواقع. قرارات مرتجلة، تحالفات متقلبة، وخطابات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع. لا مشروع وطني واضح، ولا حلول عملية، بل مجرد اجترار للأزمات، وكأننا ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها.
بينما يُظهر الشعب قدرته على الصبر والتحمل، تنشغل القيادات في الصراعات البينية، وتقاسم الغنائم، وتحقيق المصالح الشخصية على حساب الوطن والمواطن، فبدلاً من أن تكون الدولة هي الحامي والمدبر، تحولت إلى عبء يرهق كاهل اليمنيين، وعائق يمنع أي بارقة أمل للخروج من هذا النفق المظلم.
شعب يصنع المستحيل وقيادة تصنع الأزمات.. منذ سنوات واليمنيون يواجهون الحروب والأزمات الاقتصادية والانهيار المعيشي، ومع ذلك يواصلون الحياة يبحثون عن فرص للرزق، يعيدون بناء ما دمرته الصراعات، ويتمسكون بحلم الدولة رغم كل الخيبات، لكن على الطرف الآخر نجد قيادات عاجزة حتى عن إدارة نفسها، لا تمتلك أي رؤية استراتيجية، ولا تحركها سوى المصالح الضيقة والأوامر الخارجية.
في كل دول العالم، القادة العظماء هم من يرفعون شعوبهم، أما في اليمن، فالشعب هو من يحاول رفع قيادته، لكنها للأسف أثقل من أن تُرفع، وأكثر هزالة من أن تُعوّل عليها.
متى يتغير الواقع؟.. لن يتغير شيء ما دامت هذه القيادات الفاشلة هي من تتحكم في مصير البلاد. التغيير الحقيقي لن يأتي إلا عندما يدرك اليمنيون أن مستقبلهم لا يجب أن يكون رهينة لمجموعة من المتصارعين على الكراسي، بل بأيديهم هم، بوعيهم، وإرادتهم، وقدرتهم على فرض قيادات تليق بتضحياتهم العظيمة.
اليمن بلد عظيم وشعبه أعظم، لكنه يستحق قيادة بحجمه لا بحجم أزماته.