الأحد, 29 يونيو 2025
147
في توقيت دقيق تتعدد فيه التحديات الأمنية جاء اجتماع رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي باللجنة الأمنية العليا ليحمل دلالات عميقة تتجاوز الطابع الإجرائي المعتاد ويعكس تحولًا واضحًا في أداء الدولة تجاه الأخطار المتراكمة والمتشابكة.
البيان الصادر عن الاجتماع كان صريحًا، ومحمّلًا برسائل بالغة الأهمية.
تفكيك شبكة إرهابية على قدر عالٍ من التنظيم والتخفي مرتبطة مباشرة بقيادات حوثية بارزة، يعكس ليس فقط حجم الاختراق، لكن أيضًا كفاءة أجهزة الدولة في المواجهة. الأسماء التي ظهرت مثل أمجد خالد وقيادات حوثية كعبدالقادر الشامي والغماري، تؤكد أن الخطر لم يكن بعيدًا، بل متغلغلًا في مفاصل حساسة.
عمليات الاغتيال ومنها استهداف مدير برنامج الأغذية العالمي في التربة، ومحاولة اغتيال محافظ عدن كانت جزءًا من مخطط أكبر لا يستهدف الأشخاص بقدر ما يستهدف الثقة، وهي أخطر ما يمكن أن تفقده الدولة في معركتها مع الإرهاب.
الرد الرسمي لم يكن انفعاليًا، بل مدروسًا توجيه بملاحقة المتورطين داخليًا وخارجيًا، تفعيل مسارات التعاون الدولي، والتأكيد على عدم التساهل مع أي شكل من أشكال التستر أو الغطاء السياسي أو الاجتماعي. كل ذلك يعطي انطباعًا أن مرحلة جديدة بدأت، عنوانها الحزم، والمساءلة، والاستباق.
في المقابل، جاءت الإشادة بدور المواطنين -خاصة في عدن وتعز- لتذكّر بأن المعركة لا تُخاض بالأجهزة فقط، بل بالشراكة المجتمعية، والوعي، واليقظة العامة، وهو ما يعيد الاعتبار لدور المجتمع كعنصر أساسي في الدفاع عن الاستقرار.
أهمية الاجتماع لا تكمن فقط في ما تم إنجازه، بل في ما يُبنى عليه. نجاح الدولة في هذا الملف يعيد ترتيب المشهد، ويمنحها نقطة ارتكاز قوية لاستكمال باقي المعارك، سواء ضد الميليشيات أو ضد أذرعها المتخفية في الداخل.
اليقظة والتنسيق والثقة ثلاثيةٌ إذا استمرت فإن الدولة لن تكون فقط قادرة على الصمود، بل على المبادرة والانتصار وإنهاء الانقلاب الحوثي.