نانسي عجرم

> هشام محسن السقاف

>
هشام محسن السقاف
هشام محسن السقاف
لا أنفي أن هذا العنوان قد يفاجئ البعض ممن اعتادوا كلاماً جاداً في هذه الزاوية ومن هذا القلم، ولكنني لا أنفي أيضاً أن كلامي الذي سأقوله يحتمل الجد إلى حدود الهزل، فالمرء طوع بنان وضعه الاجتماعي العام، الذي وإن كان جاداًَ في كثير من الأحيان، إلا أنه لا يخلو من مظاهر تأتي على نمط فوضاوي معين - وهنا يجب الوقوف إزاء ظاهرة الأغنية الشبابية والفيديو كليب على وجه الخصوص، والمعبر عنها بمئات الأسماء اللامعة وغير اللامعة، المعروفة وغير المعروفة - فهذه الظاهرة تشكل تعبيراً عن هوية معينة تنسجم وزمانها ومكانها، وإذاً فهي حقيقة وأمر واقع، والذين ينظرون إليها شزراً، أو بنص عين واستغراب عليهم التواؤم والتلاؤم معها، أو على الأقل تركها وشأنها ما دامت تعبر عن طبيعة العصر، ولها مريدون ومحبون يعدون بالملايين.

وإذا كنا قد شاهدنا كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، وهي تغني للمئات في مسارح القاهرة وللملايين في الخميس الأول من كل شهر عبر الأثير، فهؤلاء الشبان يغنون - أيضاً - للآلاف المؤلفة في ملاعب كرة القدم وللملايين عبر القنوات الفضائية العربية، التي لا يستطيع المرء أن يحصيها أو يعدها. هذه النجوم التي تلمع بشكل فجائي وتنطفئ بنفس السرعة أيضاً، إلا فيما ندر، طريقها إلى الشهرة مفروش بالورود والنقود، على عكس الطريق الذي سلكه سلاطين الطرب وملوك الغناء الأصيل في الماضي القريب، عندما كانت الموهبة والعبقرية ترفع أصحابها إلى الأعلى، وكانت هي قوة الدفع لوصول أولئك إلى القمة. ورغم حبنا الفطري وانشدادنا الغريزي للأصالة والطرب الجميل والتأوهات والتمددات و«يا ليل ويا عين»، لكننا لا نستطيع أن نتجاهل حقيقة أن واقع اليوم يختلف عن الأمس، وأن إيقاعات العصر المتسارعة والأولويات التي تشغل بال جيل اليوم هي غير ما كان الآباء والأجداد يفكرون فيه، علاوة على كل المتغيرات المذهلة التي حدثت في الربع الأخير من القرن الماضي، وتحديداً ثورة المعلومات وتطور أدوات الاتصال والأقمار الاصطناعية وانفتاح العالم على بعضه البعض وسقوط النظريات الكبرى...إلخ، كل ذلك يجب أن يقرأ قراءة موضوعية عند تحليلنا لجيل اليوم، ومتطلباته واهتماماته. ولعل ما نستغربه اليوم من غناء، أو ما هو محسوب على الغناء، قد يصبح في يوم آت - قريب أو بعيد - كلاسيكياً بكل معاييرنا للغناء الأصيل من أم كلثوم إلى جيل الرواد في اليمن وعلى رأسهم الاستاذ محمد مرشد ناجي، أطال الله عمره، وقد يأتي يوم يقعد فيه ابني «عبدالناصر» القرفصاء وهو يستمع إلى نانسي عجرم ويقول: عظمة يا ست! تماماً كما يطربنا هشام باشراحيل قبل حلول الساعة السليمانية في مقيلنا اليومي في منتدى «الأيام» بالمقاطع النادرة من أغاني «الست» ويتفوق علينا بحفظه الأبيات الشعرية التي ترخمها وتنغمها «ثومة» فلا نفقهها كما يفقهها أبوباشا.

وعلى ذكر الفنانة نانسي عجرم التي اكتسحت الساحة الفنية، وأصبحت أغانيها تحقق أعلى الإيرادات، فقد رأيت في إحدى المرات - وأنا بمعية الأستاذ هشام باشراحيل في صنعاء - كم كان الدكتور أبوبكر السقاف يدافع ببسالة عن هذه (الطفلة البريئة) ويجد لها المبررات لأن تغني لمن تشاء وكيفما تشاء ولمن يحبون ذلك الغناء، وكان السقاف غاضباً - ولا أقول غضبة مضرية - من الحملة الشرسة التي شنتها بعض الصحف المصرية على الفنانة الصغيرة. بقي أن أقول إن عدوى الإعجاب بالفنانة نانسي عجرم قد سرت في وجدان عزيزنا الأستاذ نجيب يابلي - ولا أقول كما يسري النور في الظلام حتى لا أُغضب آخرين - عندما زار مؤخراً سوريا، وعرج في زيارة قصيرة على بيروت، ولحسن طالعه، فقد ارتاد مطعماً ترتاده نانسي عجرم في قلب بيروت الجميلة لتناول العشاء فيه، وهناك لمس اليابلي نجيب مدى الحب الذي تحظى به الفنانة الجميلة نانسي من مرتادي المطعم، الذين أشادوا بتواضع الفنانة المدللة.. كل ذلك كما سمعه الأستاذ نجيب ونقله إلينا - وناقل الكفر ليس بكافر- يبقى أن نتساءل أخيراً .. هل كانت زيارة اليابلي لهذا المطعم صدفة أم لا؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى