ساتر من الدخان يخفي تحرك الحرافيش صوب مصافي عدن

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
شركة مصافي عدن منشأة عملاقة دشنت عملية إنشائها يوم 1 نوفمبر 1952م، ودشنت عملها يوم 29 يوليو 1954م، وكلفت عملية البناء (45) مليون جنية إسترليني، ودخلت عملية البناء كميات هائلة من المواد على النحو التالي: (110) آلاف طن من الصلب، (30) ألف طن من الأسمنت ومليون و(500) ألف طن من الصخور التي اقتلعت من الجبال و(2) مليون ياردة مكعبة من التراب، و(6) ملايين ياردة مكعبة من الرمل ضخت من البحر لردم (200) فدان من الأرض.

شركة مصافي عدن أضخم مؤسسة أخرجت كوادر انتشروا في مشارق الأرض ومغاربها، وتعزى عظمتها إلى كونها مؤسسة متكاملة تشمل وحدة التقطير ومحطة الكهرباء التي كانت تغطي حاجة المصافي ووحداتها السكنية والخدمية، كما تشمل المختبر الراقي والمستشفى الفريد في نوعية كوادره وخدماته.

وتشمل ميناء الزيت وإنتاج الأوكسجين والنتروجين والمياه المقطرة والأسفلت. كان للمصفاة نظامها الأمني الخاص بها، وكان لها وسائل ترفيه لعمالها وسكان مدينتها العمالية، كما تميزت منذ وقت إنشائها باهتمامها بتنمية المورد البشري.

آلت تلك المؤسسة إلى الدولة عام 1977م، ولم تشهد أي عملية تطوير بعد الاستقلال، إلى أن آلت ملكيتها من شركة الزيت البريطانية (BP) إلى ملكية الدولة، وشهدت عملية التطوير استحداث خطوط إنتاجية أخرى مثل الأسفلت في عهد الأستاذ المهندس فيصل عثمان بن شملان المدير التنفيذي آنذاك للمصفاة بقرض قدمه له البنك الأهلي اليمني وسددت المصفاة قيمة القرض كاملة، وهو دليل قاطع على كفاءة المصفاة.

اللافت للنظر أن المصفاة تتعرض لحملات مكثفة من كل جانب، الأمر الذي أثار اشتباهي وسألت نفسي: ما الذي تريد أن تصل له تلك الحملات؟ حملت أوراقي إلى مدينة البريقة، والتقيت نقابيين قياديين وإداريين وكوادر سابقة وحالية من كوادر المصفاة، وخرجت بالحصيلة التالية:

1- تعرضت المصفاة للحملة الأولى عام 1999م بعد تقديم دراسة حول خصخصة المصفاة، إلا أن فخامة رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب وأطرافاً أخرى في مقدمتها الأخ فتحي سالم، المدير التنفيذي للمصفاة، أحبطوا تلك المحاولة الظالمة التي أغفلت خصوصيتها من حيث منشآتها المتكاملة وخدماتها النوعية للمنطقة وأهميتها للاقتصاد الوطني.

2- تعرضت المصفاة لحملة ثانية استهدفت إدارة تموين البواخر (ABD) بالتواهي عام 2003م، وتزامن ذلك بعد عملية بيع منشأة حجيف الخاسرة، لأن إدارة تموين البواخر تعتبر واحدة من أهم منشآت المصفاة لا يمكن بيعها لحرافيش.

تعرضت مصفاة عدن لمحاولة ثالثة استهدفت تحجيمها وإجهاضها قبل ستة أشهر، عندما عرض بعض الحاقدين اقتراحاً بدمج المصفاة بشركة صافر، تحت اسم «شركة التكرير اليمنية» ومقرها الرئيس صنعاء، كيف يدمج مرفق استراتيجي حيوي بمنشأة صغيرة بحجم صافر، والبون شاسع بين الاثنتين ولا مجال للمقارنة بينهما من عدة وجوه أقلها «الخصوصية». لقد صور الحاقدون لفخامة رئيس الجمهورية أن طاقة مصفاة عدن (18) ألف برميل يومياً بينما طاقتها الحقيقية والفعلية تصل إلى (110) آلاف برميل يومياً.

ها هي مصفاة عدن تتعرض لحملة رابعة شبيهة بدور الطابور الخامس الذي يمهد لخصخصة المصفاة، وهيهات للحرافيش أن ينالوا منها، لأن الحملة أظهرت ديون الشركة لعام 2003م، التي بلغت (125) مليار ريال بينما حجبت حقوق الشركة التي بلغت (127) مليار ريال، وأظهر المركز المالي للشركة فائضاً قدره(2) مليار ريال ويشكل ذلك الفائض «رأس مال عاملاً موجبا»

كيف تكون المصفاة على حافة الانهيار استناداً لمعطيات (2003م) وهو العام الذي دفعت فيه المصفاة (2) مليار و(112) مليون ريال مقابل ضرائب إنتاج/ استهلاك وجمارك ومساهمة وضريبة أرباح تجارية وحصة الدولة وضريبة كسب عمل.

اعترف الإخوة الذين استطلعت آراءهم بأن المصفاة فقدت بعضاً من بريقها، كإعادة تأهيل محطة كهربائها، وإعادة تأهيل المنشآت لإنتاج الأوكسجين والنتروجين والمياه المقطرة، وإعادة نظام الأمن الخاص بالشركة الذي تميز بالانضباط وصيانة ممتلكات الشركة، وتم التخلي عن ذلك النظام وحل محله نظام آخر يستنزف المال العام الذي خلا منه الأنضباط.

هناك نقطة مهمة ينبغي مراعاتها وهي أنه لا توجد طبقة رأسمالية في اليمن، بل ولن توجد، لأن الطبقة السائدة في اليمن هي القبيلة والعشيرة وهي الطور البدائي لتطور المجتمع، فالانتقال إلى الرأسمالية يتطلب اندماجاً وصهراً اجتماعياً ينتقل إلى دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون، وهو الطور المتقدم لتطور المجتمع الذي تسوده «قواعد السبعين» وهي أقوى من الدستور والقانون.

إن شرفنا هو مصفاتنا، فإذا بعنا مصفاتنا للحرافيش نكون قد بعنا شرفنا لهم وهم الذين بالأمس قد خلطوا الديزل بالمازوت.

ما من عمل إلا وله سلبيات وإيجابيات، واستدعى الظرف أن نتطرق إلى الإيجابيات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى