هل غير الرئيس رأيه؟

> چول كمبانيا *

>
چول كمبانيا
چول كمبانيا
فقط في مايو المنصرم، نشرت الصحافة اليمنية بحماس تصريح الرئيس علي عبدالله صالح أنه سيعمل على إلغاء عقوبات الحبس ضد الصحافيين المتهمين بمخالفات صحفية.. ولكن وبعد ثلاثة أشهر من ذلك، حُكم على رئيس تحرير صحيفة مرموقة بالحبس لمدة عام، حيث يقبع هناك حتى اليوم. وتم الحكم على صحفيين آخرين بالسجن لمدد مختلفة لنشرهم انتقادات.

إذن فهل غير الرئيس رأيه؟

إن الصحفي كلارنس بيج الفائز بجائزة بوليتزر سأل هذا الشهر سفير اليمن لدى الولايات المتحدة هذا السؤال، وبصفته عضواً في مجلس إدارة هيئة حماية الصحفيين فقد كان ضمن لجنة من خمسة أشخاص من المنظمة التقت بالسفير عبدالوهاب الحجري في واشنطن، للإعراب عن رعبهم من القمع الأخير للصحافة في اليمن. إن سؤاله يبين الهوة الواسعة بين تصريحات المسؤولين والمآثر الحقيقية للحكومات العربية في دعم حرية الإعلام.

إن اليمن ودولاً عربية أخرى صادقت على إعلان صنعاء الذي دعا إلى إعلام عربي مستقل ومتعدد في مؤتمر اليونسكو في نوفمبر 1997 وكان الإعلان، الذي صاغه صحفيون عرب ودعاة حقوق الإنسان في ندوة لحرية الصحافة رعاها اليونسكو في العاصمة اليمنية، يشير بوضوح شديد إلى أن «اعتقال وحبس الصحفيين بسبب النشاطات المهنية اعتداء صارخ على حقوق الإنسان» وأن الحكومات العربية التي تسجن الصحفيين يجب أن «تطلق سراحهم فوراً وبدون شرط».

وللأسف، لم يمنع إعلان صنعاء الحكومات العربية من محاكمة الصحفيين جنائياً وحبس الصحفيين المعارضين. وعلى الرغم من كل كلمات الرئيس صالح لا يزال الأمر حقيقة في اليمن.. ففي سبتمبر الماضي حكم على عبدالكريم الخيواني رئيس تحرير الصحيفة الاسبوعية المعارضة «الشورى» بسنة سجن لتحريضه و«إهانة» الرئيس صالح، ونشر معلومات خاطئة، وتسببه في تفرقة قبلية وطائفية.

ما جريمته؟ نشر أعمدة رأي تعارض بشدة طريقة تعامل السلطه مع احداث صعدة في سبتمبر الماضي مع المتمرد حسين بدرالدين الحوثي.

من سجن الخيواني حكم على سبعة صحفيين على الأقل جنائياً بمن فيهم عبدالكريم صبره، رئيس تحرير صحيفة «الحرية» الخاصة، وعبدالقوي القباطي مراسل الصحيفة ذاتها.. وحكم على الرجلين بسنتي حبس يوم 29 ديسمبر الماضي لقيامهما بنشر مقال بالصحيفة. وبحسب الصحفيين في اليمن فإن الرجلين لم يسجنا بعد ولكن يمكن أن يتم ذلك في أي وقت.

إن سجن الخيواني يضع اليمن، وهي دولة معروف عنها تحملها النسبي للإعلام المعترض، رسمياً في صحبة دول مثل الصين وبورما واريتريا وكوبا، التي تقوم بسجن الصحفيين بشكل روتيني لتعبيرهم عن آرائهم.

وعلى الرغم من الفارق المشكوك فيه، يستمر المسؤولون اليمنيون بالادعاء بالتزامهم بالحرية والديمقراطية.

وبينما سجل الخيواني شهره الرابع في السجن، ومواجهة عبدالكريم صبرة وعبدالقوي القباطي للسجن الوشيك، ألقى الرئيس علي عبدالله صالح كلمة الافتتاح في مؤتمر صنعاء الاقليمي للديمقراطية وحقوق الإنسان ودور غرفة التجارة الدولية وأعلن الرئيس «الديمقراطية هي خيار العصر الحديث لكل شعوب العالم، وهي سفينة الإنقاذ للحكومات خصوصاً في عالمنا الثالث».

وأضاف: «إن حقوق الإنسان مرتبطة بالديمقراطية ودولة النظام والقانون.... ويجب علينا إزالة كل ما يعترضهم والوقوف ضد كل أشكال التمييز والتعسف واستغلال الإنسان وحقوقه».

إنها حقيقة، أن الديمقراطية تتطلب تحمل الأخبار والآراء التي تجدها الحكومة بغيضة.. إذا ما كان الرئيس صالح جاداً بخصوص حقوق الإنسان والديمقراطية، فالخيار هو أن يقف في صف حرية الصحافة وأن يعمل سريعاً على إطلاق سراح الخيواني من السجن، وإنهاء الممارسة البائسة بسجن الصحفيين لما يكتبونه، وأن يلغي قوانين الإعلام القمعية التي تسمح للمسؤولين أن يقيدوا حرية الصحافة.

إن اليمن التي تفاخر بنفسها بحرية إعلامها تستطيع أن تقود الدرب لبقية المنطقة في إصلاح الإعلام باتخاذها هذه الخطوات.

حان الوقت لدعم الأقوال بالأفعال.


*كبير منسقي البرنامج المسؤول عن الشرق الأوسط في لجنة حماية الصحفيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى