صناعة الحياة

> عبود الشعبي

>
عبود الشعبي
عبود الشعبي
إن الأمل ورسالات الضوء والزهرة الحمراء.. التي قال عنها أحد أذكياء الانجليز: «بإمكانك وأنت في السجن من وراء القضبان الحديدية، أن تنظر إلى الأفق، وأن تخرج زهرة من جيبك فتشمها وتبتسم، وبإمكانك وأنت في القصر على الديباج والحرير أن تحتد وأن تغضب وأن تثور ساخطاً من بيتك وأسرتك وأموالك».

يا له من شعاع يضفي على الروح انشراحاً، فصار على الظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، كل الناس في ربوع العالم يبغون الخير ويحبون السلام، هذه فكرة ليست خاطئة .. إنها قاعدة مركوزة في النفوس، والذين لا يرضون بذلك شرذمة قليلون، يصدمون الفطرة، ويؤسسون لصدام الحضارات «المزعوم»!

أما بعد: فإن الحوار يؤسس للحب والتعارف. وأما هذا الجو المشحون بالحيرة وعدم الثقة وربما بالعنف أحياناً، فيحتاج إلى إرادة تغيره إلى سكون وثقة وسلام بارد.. إنما الحرارة تكون والحركة في «صناعة الحياة».

هذا دور العقل الفعال الذي قال فيه ابن سينا: «إنه المؤثر في الكون».

إننا نريد انطلاقة كالفجر وإقداماً كالسيل، لنمسح قليلاً من أحزان العالم وندعو إلى حوار ليس غامضاً، ولا يرتجى من ورائه «مصلحة».. نريده على قاعدة {إنما المؤمنون إخوة} .. وتحت يافطة: «كلكم لآدم وآدم من تراب».

الحياة يا قومنا ليست «ثقيلة»، إنما الثقلاء هم الناس. إن الحياة تزدان بالأرواح الخفيفة كأنها ورق الصفصاف يحركها النسيم العليل. ويصح أيضاً أن في الحياة شوكاً، لكن في حدائقها العراض أيضاً ورداً زاهياً وبلبلاً يتلو قصيدة الحب .. استمعوا إلى إيليا أبي ماضي وهو يغني:

وترى الشوك في الورود وتعمى


أن ترى فوقها الندى إكليلاً
هو عبء على الحياة ثقيلٌ


من يظن الحياة عبئاً ثقيلاً
إن الذين ينشدون «الحرية» صنّاع حياة، لأن طعم الحرية لذيذ .. كذا يكون التغيير.

كما أن هذا العالم لا بد أن يتعلم «الرفق» بدلاً عن «العنف»، لأن الذي خلق هذا العالم «رفيق يحب الرفق».

ذكر صاحب كتاب «لا تحزن» DON'T BE SAD المترجم الى اللغة الإنجليزية: إن على مداخل حدائق الزهور والورود في بعض مدن أوروبا لوحة مكتوباً فيها «ترفّق»، لأن الداخل مسرعاً لا يرى ذاك النبت الجميل، ولا يضمن سلامة ذاك الورد الباهي، فيحصل الدعس والرفس والإبادة، لأنه ما رفق ولا تأنى.

وكتب المؤلف معادلة تربوية هذا نصها: «إن العصفور لا يترفق كالنحلة، فالنحلة لا تحس بها الزهرة أبداً وهي تلعق الرحيق بهدوء، وتنال مطلوبها برفق. والعصفور على ضآلة جسمه يخبر الناس بنزوله على سنابل، فإذا أراد النزول سقط سقوطاً ووثب وثباً».

إن الإسلام أيها الأحبة رفيق حتى بالنفوس الحاقدة {فبما رحمة من الله لِنت لهم ولو كُنت فظاً غليظ القلب لانْفضّوا من حولك}.


وقفة:
ترفق أيها القمر المنير ولا تكُ كالرياح لها زئـير

فإنك بالسناء ملأت وجهي ووجهك في دياجينا نضير

وتلك الريح هاجت في عتوٍّ تزلزلت المنازل والقصور

إنها «صناعة الحياة»!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى