الكتاب المدرسي وأهميته كمصدر أساسي للمعرفة

> عادل محمود عبده سليمان

> إن المذكرات التي يعدها المدرسون للطلاب تعتبر آلية هزيلة ومختزلة لا توضح الفكرة أو المضمون المرتبط بعناصر الموضوع وترابطه وتسلسله، سواء من حيث الأسباب والنتائج أو العلاقات بين الموضوعات بعضها ببعض أو فيما يتعلق بقضايا الحجم والنسب.

إن المذكرات أو كتيبات (الأسئلة والأجوبة) عبارة عن أقراص مجزأة ومهشمة، ومن الطبيعي أن قرص الدواء المجزأ لا يفيد .. والمذكرات التي يلجأ إليها المدرسون لطرحها بهدف التجارة نوع من الغش، لأنه بدلاً من اتجاه المدرس للشرح واستخدام الكتاب المدرسي للتوضيح يختصر العملية التعليمية، حيث يقدم للطالب هذه المذكرة الهزيلة ، التي تجد قبولاً لدى الطالب الذي يبحث عن الراحة.

إن الطالب عندما يجد أن الفصل الكبير من المنهج المقرر قد تم تلخيصه في وريقات (أو عبارة عن أسئلة وأجوبة) يخيل له أن فيها أسرار الكتاب، وأن الكتاب عبارة عن حشو، وبذلك تأخذ هذه الوريقات المجزأة من المذكرات طريقها للبيع، رغم أن الطالب يحفظ أشياء غير مترابطة من «خلطة هزيلة» لا تترسخ في الذهن بعد الامتحان. وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يوظف الطالب هذه المعلومات في نمو تحصيله المعرفي خلال السنوات التالية،لأن البرامج متصلة ببعضها، وبالتالي يظل مفتتاً دون إطارات للنمو المعرفي المستمر.

إن الكتاب المدرسي يفتح الشهية أمام المعلم والمتعلم، ويضع الخطة العامة للسلوك لاكتساب المعرفة، أما المذكرات أو الأسئلة والأجوبة فهي عبارة عن ثقافة التخزين والإيداع .. ثقافة تخلق جيلاً من التابعين غير القادرين على اتخاذ القرار. إن فهم مدرس المذكرات للمنهج قاصر، ودوره التربوي ضيق.. لأنه يؤمن أن التعليم للامتحانات .. وهدفه أن يحصل الطالب على الدرجات.

إن المذكرات المدرسية عبارة عن حبوب وكبسولات لمنع التفكير تؤدي لعزل المدرسة عن المجتمع وتفريغها من مضمونها التربوي.

الكتاب المدرسي يراجعه المتخصصون أكثر من مرة، ولكن المذكرات سيئة الطباعة والتنظيم، فيها تلوث بصري وخالية من الصور والألوان والتنسيق (الوسيلة التعليمية)، كما أنها مدونة بخط اليد وهي تغري بالغش لأنها مكتوبة بطريقة تسمح بذلك.

كما أن الأخطاء الموجودة في عديد من المذكرات المدرسية أو الإجابات عن الأسئلة في هذه المذكرات تؤدي لتبني حقائق مغلوطة، مما يؤثر في قدرة الطالب على التعامل مع مصادر المعلومات المتعددة.

إن المذكرات عبارة عن تجفيف للمعدة الفكرية للتلميذ.. والطالب الذي يعتمد على إجابات جاهزة إذا أعطيته كتاباً لقراءته حتى للثقافة العامة لن يقرأه.. كما أنها إذا أسهمت في نجاحه بسنوات النقل، فإنه سيفاجا بامتحان يهتم بالكليات في الثانوية العامة.. ولا يهتم بالتفاصيل فيقع في المحظور.

إن المذكرات والإجايات الملخصة للدروس والمناهج تسهم في تكوين شخصية (اتكالية) حيث يتعود الطالب (الاستسهال) ومن الممكن أن يؤدي هذا الأسلوب إلى إحاطة التلميذ بنوع من القيود، التي تربط فكره لعدم قدرته على الخروج من الحيز الضيق للمذاكرة التي تهدف إلى تحقيق النجاح فقط.

وحتى يصبح الكتاب المدرسي كتاباً ثقافياً وتعليمياً وعملاً إبداعياً نفخر به ونعتز.. له جماله وجلاله رسماً وإخراجاً وله قيمته التربوية والتعليمية العالية، لا بد أن ترفده روافد شتى تطوره وتثريه بحكم عملها.. وهي لجنة تأليف الكتاب المدرسي في وزارة التربية والتعليم .. وإننا ندعو هذه اللجنة إلى اتباع مواصفات علمية في تأليف وإخراج الكتاب المدرسي. وأهم هذه المواصفات: أن تكون مادة الكتاب مناسبة لخطة الدراسة، وأن تكون متوازنة في تناول الموضوعات المختلفة وترتبط بحياة التلاميذ وروح العصر، مع ارتباطها بالأصالة اليمنية والمعاصرة، وأن تجاري أحدث ما وصل إليه العصر من تقدم.. مع تقديم الشروح اللازمة لتوضيح الحقائق والمفاهيم ومراعاة وتوثيق المادة العلمية والإشارة إلى مصادرها الأشمل .. وليس كما هو حاصل بمادة العلوم في التعليم الأساس وكتب العلوم في المرحلة الثانوية، فالمادة العلمية ليست موجودة كما ينبغي في الكتاب، وكأن الطلاب والتلاميذ عباقرة، حيث يستعرض المؤلف في المادة عضلاته القوية على هؤلاء التلاميذ ويرجعهم إلى المكتبات .. أين المكتبات؟ لا توجد في المدارس ولا في الأحياء السكنية، وهذا مما يصعب على الطلاب والتلاميذ البحث عن تلك الحقائق العلمية والمعلومات، مما يؤدي بهم للجوء إلى المذكرات وكتيبات الأسئلة والأجوبة التي تحدثنا عنها سابقاً.

فإذن، على لجنة التأليف الاهتمام بهذه المسألة بشكل جدي، والنظر إلى نتائج الامتحانات بجدية.

كما نشير هنا، الى أن على لجنة التأليف ضرورة الاهتمام باللغة التي يتم بها تأليف الكتاب، بحيث تكون سليمة خالية من الأخطاء، وفي الوقت نفسه بسيطة مع مراعاة توحيد المصطلحات والاهتمام بأن يعطي الكتاب الفرصة للتلاميذ للتفاعل مع المادة المقدمة، كما نرى أنه لا بد من وضع هوامش لبعض المفاهيم والمصطلحات التي ترد في الكتاب في مادة العلوم أو التاريخ والجغرافيا أو أي مادة أخرى مما يسهل للطالب استيعابها وفهمها.

كما نشير هنا الى أن على لجنة التأليف أن تهتم بحجم الكتاب، مع تنقيته من الحشو الزائد، كما هو حاصل في مادة التاريخ والتربية الإسلامية.

ونشير على لجنة التأليف والوزارة بأن تضعا قانوناً يحظر إصدار كتب خارجية إلا بعد مراجعتها عن طريق لجنة علمية تربوية من وزارة التربية والتعليم. وعلى أي حال ،لا بد من الاهتمام بكتب الأطفال، والاستعانة بخبراء في الكتابة للأطفال، والاهتمام بالمادة العلمية الحديثة التي تقدم بثوب شيق، وأن يأتي ذلك عن طريق عمل يتم بطريقة علمية محكمة تؤدي لإنتاج كتاب مدرسي جيد، مع مراعاة الاهتمام بالانفجار المعرفي والمعلوماتي من خلال بناء منهج معلوماتي في كل مادة والتركيز على تنشيط تفكير التلميذ حتى يمكن مواجهة القرن الجديد بروح جديدة تجاري العصر.

موجه تربوي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى