كركر جمل

> عبده حسين أحمد

> ما زلت بالرغم من أنني تجاوزت السبعين من عمري ..لا أعرف ما الذي سأجده في الحاضر والمستقبل.. ولا الذي سوف أعمله.. ولا كيف يكون الناس معي إذا بدأ (الخرف) يزحف إلى عقلي .. إنني على يقين من شيء واحد فقط.. أنني سوف أكون سعيداً .. فلن أعرف ما الذي أقوله للناس .. وإذا قلت خطأ فلن ينكره علي أحد.. سيقولون (مُخرّف) ولا بأس في ذلك .. دعهم يقولون ما يشاءون فليس علي حرج.. مجرد واحد من ألوف الناس الذين مروا في الحياة .. وكانوا عبئاً على الاثنين معاً .. الحياة والناس.

< ولكن يبدو أنني قلت كثيراً .. وأن الذي قلته أو بعضه يدل على أن (الخرف) بدأ يزحف إلى رأسي .. ولذلك يجب أن أطبق على شفتي .. حتى لا ينساب من فمي شيء مما يدور في رأسي .. وفي ذلك إدانة لي .. فلا أنا أريد لنفسي هذه التهمة .. ولا أريد أن تسجل هذه التهمة ضدي .. وأن يكون (الخرف) هو السبب في ذلك .. فليس كل ما أقوله (تخريفاً) .. وليس كل ما أكتبه (هلوسة) .. إنما أنا أعرف أن الذي أقوله وأكتبه بوعي تام .. وإدراك واضح.. وعقل ناضج.. ولكن هذا لا يعني إعفائي من حالة (الخرف) الذي أجدني في طريقي إليه .. وإن كنت أضيق من مجرد الشعور به أو التفكير فيه .. ولكن النتيجة واحدة .. والنهاية واحدة لا محالة فيها.

< ولكنني أعرف بالضبط أن أحداً من الأصدقاء لا يمكن أن يشاركني هذه المعاني التي تدور في رأسي .. أو أنني صادق فيما أقول .. فهو يعرف أنني أقول هذا الكلام ربما لأن حالتي النفسية سيئة جداً .. وأن همومي تزاحمت في عقلي .. وأن أحزاني ليس من الممكن أن تنتهي بسرعة .. وهذا مستحيل .. فإذا تصورت أن حل مشاكلي - وهي مشاكل كل الناس في بلادي - ممكن أن يكون في يوم وليلة.. فهذا مستحيل أيضاً.

< إذن كيف يكون الخلاص من هذه المشاكل؟.. وهل المعاناة من هذه المشاكل رحلة نفسية وجسدية طويلة؟.. أم أنها قصيرة المدى وقتية الزمن؟.. وهل يجيء الحل بالحوار والتفاهم والمصالحة الوطنية من أجل حياة أفضل؟.. إن القائمين على شئون الناس غير مرتبطين بالناس.. وعدم ارتباطهم بالناس لا يجعلهم يدخلون في حوار معهم .. وكأن ليس هناك أحد يستحق اهتمامهم.. أو أن أحداً لا ينبغي له أن يستحق هذا الاهتمام.

< إن الأسرة اليمنية لم تعد قادرة على إطعام نفسها أوحمايتها من المرض والعري والجهل .. فالأسرة هي أساس المجتمع.. وهي تتكون من أب وزوجة وكثير من البنين والبنات.. ويجب أن يكونوا في صحة جيدة ليقدروا على العمل والإنتاج في الحقل والمصنع.. وفي البيت وفي المدرسة.. وأي مكان آخر.. وهذه هي صفات المجتمع الحديث.. ولكن ما الذي يحدث عندنا؟.. الناس كثيرون في كل مكان ولكنهم متفرقون.. كل واحد وحده .. فهو لا يشعر بالآخرين.. ولا يحس بوجودهم .. وأصبح كل واحد يفكر بنفسه وحده.. وكأن الفرد هو وحدة المجتمع.. أما المرأة فلم يعد لها دور عندنا إلاّ قليلاً.. أغلقنا عليها الباب والنافذة على أنها جاهلة لا تصلح إلاّ للبيت والحمل والولادة .. ونسينا أن المرأة في العصر الحديث قد اكتسبت حقوقاً وتساوت بالرجل في كل مكان ومجال وعمل.

< هل كان هذا الكلام (خرفاً) أم نوعاً من الاحتجاج على السلطة؟.. ممكن جداً

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى