الأهالي يناشدون فخامة رئيس الجمهورية حماية أرواحهم وتاريخهم :صنعاء القديمة.. هوية مهددة بالضياع تحت أنقاض كارثة تاريخية وشيكة

> «الأيام» تحقيق/ عبدالفتاح حيدرة

>
إنها (صنعاء القديمة)التي يخشى عليها اليوم من خطر انهيار معالمها العمرانية وزوالها شيئا فشيئاً جراء تضرر عديد من مبانيها بفعل تسرب المياه من شبكتي المياه والصرف الصحي من جانب، وتباطؤ تدارك الجهات الرسمية لهذه الكارثة قبل أن تصبح حقيقة واقعة.

«الأيام» في تحقيقها هذا تطرق أبواب الزمن، وتدخل بالكلمة والصورة إلى حواري وأزقة التاريخ وهي تقرع ناقوس الخط في قلب (صنعاء القديمة).

< نبدأ مشوارنا على دروب (صنعاء القديمة) بأهلها، الذين استقبلونا منذ الوهلة الأولى بخوف عارم على مدينتهم، التي يتهدد مبانيها خطر السقوط، بعد أن تشقق الكثير من جدران مبانيها نتيجة لتسرب المياه من شبكتي المياه والصرف الصحي.


هوية مهددة بالضياع
< يقول الأهالي في حديثهم لـ «الأيام» عن هذا الخطر المتربص بعاصمة الثقافة العربية 2004م: «نحن أهالي غربي الجامع الكبير بصنعاء القديمة نعلن عبركم لكل عاشق لهذا الإرث التاريخي، الذي توارثناه أبا عن جد ليظل مفخرة اليمن وواجهته. إننا اليوم نواجه خطر انهيار المباني التاريخية، التي لن تقع على رؤوسنا فقط كوننا وأسرنا نسكنها، بل ستقع على رؤوس كافة اليمنيين، الذين سيفقدون بانهيارها جزءا من هويتهم التاريخية والحضارية».


أين الجهات الرسمية؟
يقول أهالي صنعاء القديمة: «إن هذا الخطر المحدق لا يتربص بصنعاء القديمة ومبانيها منذ يوم وليلة، بل منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد طرقنا خلال هذه الفترة الطويلة أبواب كافة الجهات الرسمية، وتقدمنا إليها بمذكرات مناشدة عدة، لتدارك الكارثة قبل وقوعها على رؤوسنا ورؤوس كل اليمنيين معنا، ومجلس الوزراء ووزارة حقوق الانسان ورئاسة الجمهورية على علم بذلك، إلا أن الأمر ظل على حاله على الرغم من صدور مذكرات وقرارات رسمية بشأن مبانينا التاريخية الآيلة للسقوط، فاللجنة العليا للمحافظة على تراث صنعاء القديمة ما زالت تماطل في البت بالأمر بينما يتزايد خطر زوال هذا المعلم التاريخي والحضاري يوما تلو آخر.


شبكة المجاري، المتهم الأول في قضية تصدع مباني صنعاء القديمة
شبكة المجاري، المتهم الأول في قضية تصدع مباني صنعاء القديمة
تجاهل الكارثة
< المواطن يحيى عصده، مالك أحد مباني صنعاء القديمة الآيلة للسقوط، التقيناه في تحقيقنا هذا لينقل لنا صورة من الواقع، فقال: «هذه المباني التاريخية لم تتعرض لأي سوء إلا بعد تنفيذ أعمال تأهيل شبكة الصرف الصحي، وخاصة (مجاري) الجامع الكبير، التي بدورها أدت الى تسرب مياه الصرف الصحي الى أساسات المباني، التي باتت مشبعة بالمياه وتصدعت نتيجة لذلك أعمدة المباني، وها نحن كما ترون نعيش في خوف دائم من انهيار المباني على رؤوسنا في أية لحظة لا سيما عند تساقط الامطار التي تزيد الطين بلة، ولا نعلم لماذا لا تمتد يد الحكومة بالعون إلى هذا الجزء من مباني صنعاء القديمة كما عملت سابقا بمبانٍ في أجزاء أخرى كانت تشهد نفس الخطر».

وأضاف: «منذ أكثر من ثلاث سنوات ونحن نلاحق الوزارات والجهات الحكومية، ولكن لم نلق آذاناً صاغية لنا وللخطر المحدق بنا وبتاريخنا، خاصة في ظل مماطلة اللجنة العليا للمحافظة على تراث صنعاء القديمة في تنفيذ المذكرات والقرارات الرسمية العديدة الصادرة بهذا الشأن.. إلى متى اذن يستمر هذا التجاهل.. حتى تقع الكارثة؟!».


استهجان عام
< أما المواطن ابراهيم المؤيد، مالك أحد المباني الآيلة للسقوط بصنعاء القديمة، فيقول: «شكرا لحضور «الأيام» ومتابعتها لهذا الخطر الذي يتهدد تاريخنا، وهذا بيتي أمامكم كما ترون آيل للسقوط ومع ذلك عدد من يسكنه 18 فردا.. فليس لنا مكان آخر نذهب اليه».

ويضيف متساءلا: «هل عجزت الدولة عن الحفاظ على تاريخها؟ فها نحن كافة أهالي حي غربي الجامع الكبير ننتظر منذ سنوات أن تحرك الدولة ساكناً لتلافي هذه الكارثة الوشيكة، ولم نلق من متابعتنا طيلة ثلاث سنوات ونصف للجهات المسئولة عن صنعاء القديمة سوى الخسارة، والآن ها نحن قاعدون تحت أسقف توشك أن تقع على رؤوسنا».

واختتم باستهجان عام مفاده: «انعقدت اللجان المختصة، وصدرت قرارات الصيانة والترميم للمباني وشبكة المجاري، وأُقر كل ذلك بمذكرات رسمية للجهات المختصة، فلماذا هذه المماطلة وهذا التجاهل لكارثة شارفت على ازهاق أرواح بريئة وشطب أبرز عناوين التراث العالمي؟!».


رأي الجانب الرسمي
< ولاستكمال حلقة تحقيقنا هذا توجهنا بتساؤلات الأهالي إلى الجهات المختصة، حيث طرقنا باب هيئة المدن التاريخية وفيها التقينا الأخ خالد علي جباري، وكيل الهيئة، ووضعنا التساؤلات على طاولة مكتبه، فأجاب: «البيوت التي تقع خلف أو بحي غربي الجامع الكبير بصنعاء القديمة تضررت بسبب تسرب المياه من المجاري العامة، وقد تم تشكيل عدة لجان مختلفة لحل المشكلة سواء من هيئة المدن التاريخية أو مؤسسة المياه والصرف الصحي، وتم رفع التقارير وتحديد المسئولية، ورفع مذكرات بتعويض الأهالي، وتطور الأمر الى أن يتم شراء المباني من أصحابها وضمها للجامع الكبير وتولت الموضوع اللجنة العليا للمحافظة على صنعاء القديمة وأمانة العاصمة وقد استكملت جميع الإجراءات لدفع التعويضات للأهالي ويتم الإعداد لتنفيذ ذلك، والآن الموضوع خرج عن نطاق عملنا وهو بيد اللجنة العليا للمحافظة على صنعاء القديمة عبر المجلس المحلي بالأمانة، أما هيئة المدن التاريخية فقد استنفدت كل إجراءاتها ورفعت هذه القضية عن أيادينا ولم نعد المعنيين بها».


المساكن باتت مهددة بالسقوط بعد تصدع الجدران
المساكن باتت مهددة بالسقوط بعد تصدع الجدران
نداء إلى فخامة الرئيس
< ومما سبق يتضح أن أسباب تشقق جدران مباني الحي الغربي للجامع الكبير بصنعاء القديمة تتمثل بتسرب مياه الصرف الصحي ونفاذها إلى أساسات المباني، مما أدى الى هبوط الاعمدة، الأمر الذي يستوجب بحسب مطالبات الأهالي معالجة سريعة تضمن سلامتهم والحفاظ على هذا المعلم التاريخ في نفس الوقت.

لكن ما حدث هو العكس، حيث ما زالت الجهات الرسمية المختصة تماطل في تحمل مسؤوليتها تجاه هذه الكارثة الانسانية والتاريخية الوشيكة، رغم أن لجاناً عقدت، وقرارات صدرت، وتعويضات أُقرت، وأيادي من القضية رُفعت بينما الخطر ما يزال محدقاً ووشيكاً.. وهنا لم يعد أمام أهالي الحي الغربي بصنعاء القديمة ومعهم كافة اليمنيين سوى رفع الصوت بالنداء الى فخامة رئيس الجمهورية لإغاثة الأهالي وهويتنا التاريخية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى