أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية<دعوة وبطاقات

> د. محمد علي السقاف

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف
منذ اغتيال الشهيد رفيق الحريري في 14 فبراير الماضي، وما تبعه من استقالة رئيس الوزراء عمر كرامي، ثم تكليفه مؤخراً بإعادة تشكيل حكومة جديدة، والأزمة لا تزال قائمة، فمن جهة تسيطر المعارضة على الشارع اللبناني، وأظهرت قدرتها على تعبئة أكثر من مليون متظاهر في ساحة الشهداء (ساحة الحرية) في 14 مارس الجاري، جاءت كرد على مظاهرة حزب الله الكبيرة (نحو ثمانمائة ألف متظاهر) التي شهدتها ساحة رياض الصلح بوسط بيروت في 8 مارس الجاري. مقابل قدرة المعارضة على التعبئة الجماهيرية، فهي أقلية نيابية في مجلس النواب أمام الموالاة والقوى السياسية الأخرى المتعاطفة مع الأطراف الحاكمة، تمتلك المعارضة سياسياً أغلبية شعبية وأقلية برلمانية، بينما الموالاة تمتلك أغلبية برلمانية وتأييداً شعبياً أقل من المعارضة. إشكالية الوضع الحالي بخصوص إمكان تشكيل حكومة جديدة تواجهها عدة عقبات، فمن جانب المعارضة ترى في تكليف الرئيس عمر كرامي من جديد بتشكيل حكومة، وهو في ظل ترؤسه الحكومة السابقة حدثت عملية الاغتيال البشعة للرئيس الحريري، وهذا بحد ذاته يشكل عقبة أولية بقبول حكومة تحت رئاسته! إضافة إلى ذلك صاغت المعارضة شروطاً أخرى منها إجراء تحقيق دولي، وإقالة المسؤولين الأمنيين، واستقالة الرئىس أميل لحود ولم يعد هذا الشرط الأخير مطلوباً. في المقابل لهذه الشروط عرض رئيس الحكومة المكلف السيد عمر كرامي استعداده للتفاوض مع أقطاب المعارضة حول تلك الشروط وإصراره على تشكيل حكومة اتحاد وطني، وهو الأمر الذي ترفضه المعارضة التي تطالب بتنفيذ مطالبها أولاً ثم الحوار بعد ذلك حول تشكيل حكومة اتحاد وطني. هل هذه المواقف المتعارضة تشكل نقاط افتراق ونحو تكريس انقسام سياسي حاد في المجتمع اللبناني، وما مخاطر هذا الموقف على الاستحقاق الانتخابي النيابي في مايو المقبل؟

السؤال الرئيسي هنا الذي يثير الاستغراب عن حكمة تكليف الرئيس لحود رئيس الجمهورية الرئيس كرامي بتشكيل الحكومة وهو يمثل تمديداً للازمة حسب تعبير النائب وليد جنبلاط، هل بإمكان الرئيس لحود أخذ مبادرة جريئة بتكليف شخصية معتدلة من بين شخصيات المعارضة بتشكيل الحكومة؟ وأثر صدمة هذه المفاجأة على المعارضة لإذابة الجليد بينهما وبين أطراف السلطة الحاكمة.

فلا يمكن هنا للشخصية المعارضة المكلفة إغفال مصالح الطرف الحاكم في تركيبة تشكيل الحكومة لأنها لا تمتلك الأغلبية البرلمانية للحصول على الثقة في البرلمان لإجازة تشكيل الحكومة، وبذلك تكون ملزمة بأن تأخذ في عين الاعتبار مطالب الطرف الآخر.

والافتراض التالي رؤية إمكان تكليف شخصية أكثر قبولاً لدى المعارضة، من الرئيس عمر كرامي، أو تكليف شخصية «حيادية» مقبولة من الطرفين المعارضة والموالاة. تعرض على المعارضة حقائب وزارية سيادية وليست المشاركة الشكلية في الحكومة دون إمكان التحكم في اتخاذ قرارات مجلس الوزراء. أما إذا غاب حسن النية والإرادة السياسية في تدارك تدهور الموقف الداخلي اللبناني قد يفتح ذلك آفاقاً نحو المجهول فبالإمكان الأخذ بأحد الافتراضات السابقة، ولا شك كما تحمل عمر كرامي المسؤولية في المرة السابقة بتقديم استقالته، فإنه أيضا هذه المرة من الأفضل له أن يعلن لرئيس الجمهورية عن فشله في تشكيل الحكومة، وهنا إما كما ذكرنا يكلف شخصاً آخر، أو يطلب من رئيس وأعضاء الحكومة تسيير أعمال الحكومة حتى فترة الاستحقاق النيابي في مايو المقبل، وحينها سيكون المواطن اللبناني هو الحكم في الفصل بين صراعات الاتجاهات السياسية المختلفة في الساحة اللبنانية.

فنتيجة الانتخابات هي التي ستحدد تركيبة الحكومة، وربما أيضا مصير مستقبل رئيس الجمهورية الحالي إما استمرار التعامل مع الرئيس لحود وفق قرار التمديد، أو الضغط عليه بعد نتائج الانتخابات لحمله على الاستقالة المبكرة، وهذا على افتراض أن المعارضة هي التي حصلت على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المقبلة، وهو موضوع آخر مختلف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى